&عبدالله بن بخيت

&

&ما الذي على العالم أن يتنازل به لكي يتصالح مع إيران، لا شيء! السؤال بطريقة أخرى، ما الأهداف التي تسعى إيران لتحقيقها وتتوقف عندها؟ الجواب أيضا لا شيء، المشكلة مع إيران ليست سياسة وليست جيوسياسية وليست اقتصادية، المشكلة مع ايران زمانية، فارق توقيت.

عندما نعود إلى الوراء سبعة قرون على سبيل المثال ونقرأ الصراع بين العثمانيين وبين الممالك الأوروبية سنرى أن كل ما نعرفه من تاريخ هذه الصراعات هو أخبار الانتصارات والهزائم والانسحابات وكمية الغنائم التي غنمها المنتصرون والخراب الذي عم ولكننا لن نجد أسباباً مقنعة أو على الأقل نفهمها قادت إلى هذه الصراعات. معظم الأسباب التي نقرأها اليوم هي إسقاطات المؤرخين على تلك الصراعات، سبب هذه الإشكالية يعود أيضاً إلى فارق التوقيت. عندما نقرأ تراث الخميني وخطبه وتصريحاته سنرى أن كل مرجعياته وخطابه الثقافي واستشهاداته تعود إلى قرون بعيدة، يختلف فيها معنى الصراع ومعنى الحرب ومعنى الأطماع عن فهم أهل هذا العصر ويختلف فيها معنى كلمة إنسان أيضاً.

مشكلة إيران وداعش والإخوان المسلمين تكمن في غياب لغة التواصل مع زماننا هذا، فأسباب البغضاء والكراهية بين الشعوب تختلف باختلاف العصور، كان الغزو على سبيل المثال مفخرة، لا يحتاج إلى دواعٍ واقعية حسب مفهومنا، كانت الشعوب تعيش قطيعة فيما بينها، لا تعرف سوى الاتفاقات الثنائية التي تفرضها معادلات القوة بين الطرفين، أي اختلال بين شعبين يعني الحرب، أن يستولي شعب على مقدرات شعب آخر. أن يتحول أبناء الشعب المهزوم إلى عبيد وسبايا. الاستيلاء على البشر عنصر أساسي في الصراعات، أشبه بالرغبة في الاستيلاء على المناجم ومصادر المياه وغيرها في عصرنا الراهن.

لا يوجد شيء تقدمه اليمن لإيران، ما الذي تفعله إيران إذن في اليمن، ما يمكن أن تجود به اليمن من قليل تستطيع إيران أن تحصل عليه بالسياسة وبالإغراء المادي كما تفعل أميركا والصين وفرنسا وكثير من دول العالم، فارق التوقيت في التفكير لا يسمح لإيران أن تبحث عن مصالحها المتفقة مع العصر، ما تبحث عنه هي المصالح المتفقة مع العصور الوسطى تلك المصالح التي تشربها الخميني وخامئني في كتب ألفها أسلافهما قبل عدة قرون.

مهما قدم العصر لإيران من تنازل فلن يحصل على شيء بالمقابل، ليس لأن إيران عنيدة أو طماعة ولكن ما تريده إيران لم يعد موجوداً سوى في عقول رجال الدين من أمثال الخميني وابن لادن والبغدادي والقرضاوي وقائمة لا نهاية لها.