&

أسامة يماني

لا شك أن إيران بتصرفاتها واستفزازاتها وتاريخها الحافل بالاعتداءات التي وصلت للعدوان السافر، تهدف لجعل خيار الحرب هو الأكثر منطقية حتى أصبح كثير من الكتاب والمهتمين بالشأن الإيراني يميلون لخيار الحرب ويفقدون الثقة في كثير من الحلفاء.

خيار الحرب هو ما تُريده إيران التي تعتقد أنه الخيار الذي يمكنها من إشعال المنطقة بالكامل، وجعل الثمن باهظاً على الجميع، مما يعطيها الفرصة للجلوس على طاولة المُناقشات والمُفاوضات، وتحسين شروط التسوية لصالحها.

إيران تخسر من خيار اللاحرب على المدى المتوسط والطويل؛ لأن وضعها الاقتصادي يسوء كل يوم. كما أنها قد تفقد باستمراره تعاطف الدول المُستفيدة من التبادل التجاري معها مثل ألمانيا وروسيا والصين.

ولأن إيران تصور نفسها ضحية ومُعتدى عليها من قبل أمريكا التي خرجت من اتفاقية دولية بدون وجه حق، حسب ما تقول به وتُروجه، فإن خيار اللاحرب سوف يُساهم في كشف زيف ما تدعيه المكينة الإعلامية الإيرانية وحلفائها والمتعاطفين معها، وسوف يكشف أنه ليس هناك مبرر لاعتداءاتها على السعودية، كما أنه ليس هناك مبرر لتدخلاتها في اليمن ولبنان وسوريا والعراق غير رغبتها في التوسع والعدوان.

إيران في ورطة حقيقية لأنها لا تستطيع أن تُبرر كل ما تقوم به من خروقات واعتداءات وتهديد لأمن الطاقة والإضرار بالاقتصاد العالمي والأمن والسلم الدولي، وحتى أصدقاء إيران لن يستطيعوا الدفاع عنها في المحافل الدولية نظراً لفداحة ما قامت به و ما تقوم به.

خيارات السعودية عديدة قانونية وسياسية واقتصادية، بالإضافة لخيار الردع الذي يكمن في جعل ثمن الاعتداء باهظاً مادياً ومعنوياً.

إن الحرب لا يجب أن تكون خياراً للسعودية، لأن إيران تسعى إليه، فهي دولة مارقة على القانون تعمل على بث الاضطرابات والفتن، ولم يسلم من شرها وأذاها قريب أو بعيد.

تملك السعودية العديد من الخيارات التي تستطيع تحريكها؛ بعضها في آن واحد، ونحن نرى حالياً في المحافل الدولية أثر التحرك الدبلوماسي السعودي، وذلك بتحميل العالم مسؤولياته عن حماية مصادر الطاقة والممرات الدولية وتقليص نفوذ إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة والعالم.

مطالبة إيران بالتعويض، ومطالبة إحكام الحصار الاقتصادي عليها خيار من أهم الخيارات التي حققت السعودية تقدماً ملموساً فيها.

كما أن ضرب أذرع إيران وإحكام الحصار عليها وإخراج إيران من العراق وسوريا واليمن ولبنان أحد الخيارات التي يجب أن يتحمل العالم مسؤوليته تجاه هذه الملفات. كما أن للسعودية كافة الحق في ممارسة الدفاع الاحترازي والاستباقي.

السعودية أثبتت حكمتها وحنكتها السياسية عندما لم تستفزها إيران بعدوانها وبتصرفاتها والحرب ضدها، ونحن نرى الآن نتائج هذه السياسة الحكيمة والحراك السياسي والاجتماعي.

كما أن الدعوة لمؤتمر إسلامي لاتخاذ إجراءات عقابية من قبل الدول الإسلامية ليكون تطبيقاً حديثاً لقوله تعالى (فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين). والقتال يمكن أن يكون اقتصادياً وسياسياً.

الخيارات عديدة فلا يجب أن نحصر أنفسنا في خيار واحد، فالحرب ليست خياراً، بل الخيار هو الحزم والعزم الذي يجعل العدو يدفع ثمن عدوانه باهظاً وغالياً.

* كاتب سعودي
&