&عبدالله جمعة الحاج


في الجزائر تتوالى«جمع» المظاهرات والصخب جمعة تلو الأخرى، لكن وسط هذا الصخب والضجيج قد تكون المطالب الحقيقية قد تاهت، فاليوم وبعد ما يقارب الخمسة والعشرين جمعة أو يزيد ما الذي يريده الجزائريون بالتحديد من وراء كل ذلك، فحتى الآن تمت تنحية الرئيس الأخير، عبدالعزيز بوتفليقة، الذي ينتمي إلى «جبهة التحرير الجزائرية»، التي حررت الجزائر عن فرنسا. وبخروجه من السلطة خرج معه العديد من السياسيين الذين هيمنوا على النظام السياسي للعشرين عاماً التي خلت أو نيف، وتم القبض على العديد من الساسة ورجال الأعمال وموظفي الحكومة ومن لهم علاقة ببوتفليقة ونظامه وأقاربه، بتهم شتى، لكن الجزائريين مستمرون في مظاهراتهم وهتافاتهم، فما الذي يريدونه بالتحديد؟

ما يجري في الجزائر حالياً يحمل بعضاً من صفات ما حدث ويحدث في دول عربية أخرى كمصر والعراق وسوريا واليمن والسودان وتونس، وأهم تلك الصفات هي أن تيار الإسلام السياسي ممثلاً في «الإخوان المسلمين» هو الذي يقف وراء هذا الصخب، لخلق ما يسميه ويعتقد بإمكانية أن يساعده في الوصول إلى السلطة والثروة في شتى أنحاء العالم العربي وهو «الفوضى الخلاقة؟ فهل يدرك الجزائريون ذلك ويعلمون بأن جماعة «الإخوان» لها باع طويل في كل ما يجري في بلادهم التي يطمع «الإخوان» ومن يناصرونهم في الوصول إلى السلطة فيها، بعد ما فشلوا في الوصول إلى غايتهم في مصر وسوريا وعدد من دول الخليج العربي، وبعد أن سقطوا في السودان وأزيحوا إلى غير رجعة عن مراكز الحكم والسلطة فيه.
ولكي أؤكد صحة طرحي هذا دعوني أذكركم فقط بالكم والكيفية التي خرجت بها مؤيدو «الإسلام السياسي» في الجزائر لكي تشيع جنازة قائد «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» عباسي مدني. إنَّ هذا مثال بسيط فقط لمخاوف من خطر «الإسلام السياسي» على الجزائر إذا ما استمرت الأوضاع فيها تتفاقم يوم بعد آخر إلى أن تصل إلى مرحلة الفوضى التي ينشدها «الإخوان».
عين «الإخوان» على الجزائر في هذه المرحلة لا تأتي من فراغ، فبعد فشلهم الذريع في الاستيلاء على السلطة في عدد من الدول العربية خاصة مصر معقلهم الأول ومنطلق حركتهم الأساسي، وتونس التي كونوا لأنفسهم فيها موطئ قدم قوياً وبشكل سريع يثير الاستغراب رغم التحضر التونسي الاجتماعي والثقافي والسياسي والاقتصادي الراقي الذي يسبق العديد من الدول العربية الأخرى ورقي وسمو إدراك الإنسان التونسي ذاته لما يجري حوله من أحداث ولخطر طروحات «الإخوان» السياسية والثقافية التي يشوبها الكثير من الغموض، وربما التخلف في جوانب كثيرة منها.

ما أود الإشارة إليه بإخلاص هو أن خطر«الإخوان» وغيرها من تيارات الإسلام السياسي، على المسار الجزائري المستقبلي، لن يكون هيناً أو بسيطاً، فعينهم عليها لأنه البلد العربي الوحيد الذي تبقى ولم يصلوا إليه بشكل متعمق بخبثهم وألاعيبهم المدمرة.
في هذه المرحلة، وبعد أن فشل «الإخوان» في كل مكان آخر حاولوا فيه الوصول إلى السلطة، أخشى أن يأتي الآن دور الجزائر بإمكانياتها الاقتصادية الهائلة واقتصادها القوي نسبياً الذي يتفوق على اقتصادات العديد من الدول العربية ودول العالم النامي في مشارق الأرض ومغاربها، وبإمكانياتها البشرية الضخمة وشعبها الأبي الخلاق ذي الحيوية العالية بين الشعوب العربية الأخرى.
إن ندائي للجزائريين هو أن يحسموا أمرهم سريعاً ويتوصلوا إلى صيغة سياسية مناسبة تحفظ بلادهم من ألاعيب الإسلام السياسي، صيغة توصل البلاد إلى بر الأمان بالسرعة الممكنة، بحيث يبتعدوا عن مزالق الفوضى والعنف، وحفظ الله الجزائر وشعبها من كل سوء.
&

& &