أمين ساعاتي
من الموارد البكر التي تصدرت قائمة الموارد التي تستهدفها "رؤية السعودية 2030" ثرواتنا في البحر الأحمر والخليج العربي.

ويعد البحر الأحمر بالذات موردا متعدد الثروات، ولذلك نحن في أمس الحاجة إلى تحديد حجم الثروات التي نملكها في البحر الأحمر.
وبمعنى آخر: البحر الأحمر بالنسبة للمملكة كنز ما زالت معالمه تحتاج إلى مزيد من الدراسة وإعادة الاكتشاف، وأزعم أننا إذا أعدنا تكليف شركات عالمية بالبحث والتنقيب عن ثرواتنا في قاع البحر الأحمر، فسنكتشف أن الثروة التي نملكها في قاع البحر الأحمر تقدر بمبالغ خيالية.

ولعلي لا أذيع سرا إذا قلت إن في البحر الأحمر وقبالة الساحل السعودي مئات الجزر الطبيعية التي تظهر فوق سطح البحر ثم تختفي بسبب عوامل المد والجزر، وربما يكون مفاجأة لنا أن نكتشف أن ثرواتنا في البحر الأحمر تتجاوز قيمة ثرواتنا البترولية، لكن عدم إلمامنا بكل ثرواتنا يجعلنا غير محيطين بكل تفاصيلها في هذا البحر مترامي الأطراف متعدد الثروات.
ومثل البحر الأحمر هناك الخليج العربي حيث تربض في جوفه ثروات لم نكتشف منها حتى الآن سوى البترول، مع أن الخليج العربي يزخر بالموارد التي لم تكتشف بعد، وقديما كان الأجداد والآباء الخليجيون من أمهر تجار اللؤلؤ وكان الخليج مكمن الثروة الوطنية.
ولذلك أهيب بوزارة الصناعة والثروة المعدنية أن تعيد طرح مشاريع جديدة لإعادة اكتشاف ثرواتنا في البحر الأحمر والخليج العربي، كما أهيب بمجلس الشورى الموقر أن يعيد تحريك ملف ثرواتنا في البحر الأحمر، مع ضرورة وضع مشروع لتأمين البحر الأحمر ووضع نظام لحماية سواحلنا والحرص على توقيع اتفاقيات دولية مع جيراننا في البحر الأحمر لحماية السواحل وتقسيم الثروات، وهذا ما كان يحرص عليه الملك عبدالعزيز في بداية تأسيس المملكة حينما كان يوقع اتفاقيات تحديد الحدود الدولية مع كل دول الجوار، أيضا

أهيب بالجامعات السعودية أن تهتم أكثر بعلوم البحار وبالذات جامعة الملك عبدالعزيز التي أنشأت كلية لعلوم البحار لكن لم نسمع عن الإنجازات العلمية لهذه الكلية إزاء اكتشاف وتنمية مواردنا في البحر الأحمر.
والواقع أن المملكة يجب أن تكون معنية أكثر من أي دولة بثروات البحر الأحمر لأنها تحتل مساحة كبيرة على طول الساحل الشرقي من العقبة حتى جازان. إضافة إلى ذلك فإن البحر الأحمر يعد ممرا مائيا استراتيجيا للسفن التي تحمل البترول أو السفن التجارية التي توفر للمملكة السلع والخدمات الضرورية لاستمرار مشاريع التنمية، يضاف إلى ذلك أن بعض الاكتشافات المبدئية تؤكد أن البحر الأحمر زاخر بالثروات البترولية والمعدنية، كذلك فإن ساحل البحر الأحمر الشرقي يشهد هذه الأيام أكبر مشاريع لتحلية المياه في العالم، بمعنى أن البحر الأحمر هو المورد المائي الرئيس لسكان المملكة، فمنه يعيش الناس وعليه تقوم مشاريع الأمن المائي، إضافة إلى الثروات الطبيعية التي يزخر بها، فمجالات استثمارات شواطئ البحر الأحمر في مجال السياحة بدأنا نخوضها بعد أن وقعنا عام 2017 على تنفيذ مشاريع البحر الأحمر 2030. والواضح أن المملكة في هذه المرحلة من تاريخها الفتي تمتاز باختيارها للمشاريع ذات القيمة الكبرى للاقتصاد الوطني الذي بدأ يتجه إلى تنمية الموارد الجديدة التي لم يتم تناولها واستثمارها.
ولقد أعلن مجلس إدارة شركة البحر الأحمر للتطوير أن المرحلة الأولى من المشروع المقرر إنجازها عام 2022 هي بناء نحو 14 فندقا فخما بإجمالي عدد غرف يصل إلى نحو 3000 غرفة، وسيتم تشييدها على خمس جزر، إضافة إلى تجهيز منتجعين في منطقة الجبال

والصحراء، كذلك لم يغفل المشروع الرياضة البحرية حيث يتضمن بناء مراس لليخوت جنبا إلى جنب مع بناء مرافق ترفيهية عالية المستوى، ومطار بمميزات فنية تتناسب مع ضخامة وفخامة المشروع.
ولا شك أن هذا التكامل في بناء المرافق السياحية سيجعل منطقة البحر الأحمر منطقة جاذبة لكثير من السياح الباحثين عن المناطق المريحة ذات الثراء التاريخي والطبيعي.
ووفق الخطط المعتمدة فإن مشروع البحر الأحمر بحلول 2030 سيكون قد انتهى من تطوير 22 جزيرة من أصل أكثر من 90 جزيرة، وكذلك سيكون قد انتهى من تشييد عشرة آلاف غرفة فندقية في المنتجعات التي ستقام على الجزر والمناطق الجبلية والصحراوية، إضافة إلى إنشاء المرافق السكنية والتجارية والترفيهية فائقة الفخامة، حيث تكون كل المنشآت في المواقع المحددة على مستوى واحد من الفخامة والأبهة والتميز.
ويستهدف المخطط المعتمد للمشروع تحقيق زيادة صافية بنسبة تصل إلى 30 في المائة في التنوع البيولوجي خلال العقدين المقبلين، بهدف تعزيز النظام البيئي وتنميته في المنطقة، وهذه النسبة من شأنها أن تجعل من الموقع منطقة محمية بحرية خلابة تجذب إليها الزوار والسياح من كل مكان في العالم. ونؤكد مرة أخرى أن السواحل السعودية المطلة على البحر الأحمر لا تزال بكرا، ونرجو من كبريات شركات التطوير العقاري وشركات السياحة أن يتجهوا إلى هذه المنطقة البكر، ففيها كنوز للجذب السياحي كما تتوافر في ساحل البحر الأحمر ظروف بيئية مثالية تعيش حولها وفي أعماق مياهها الكائنات البحرية من اللافقاريات والأسماك والقشريات والرخويات، كذلك تنتشر على بعض سواحل البحر الأحمر شجيرات المنجروف التي تجذب حولها أنواعا كثيرة من الطيور كما تتكاثر بها السلاحف البحرية وأسماك الزينة.

أما آخر الاستخدامات لساحل البحر الأحمر فهو مشروع المسابقات البحرية التي بدأت تنشط في العامين الأخيرين في شرم أبحر، وهى من المشاريع الواعدة التي ستضيف إلى السياحة الرياضية في مدينة جدة بعدا بحريا جديدا ينقلها في المستقبل إلى تحقيق تقدم ملحوظ على خريطة السياحة الدولية.