&حلمي النمنم&&

&

انتهت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التونسية، بخروج مرشح الإسلام السياسي من السباق هو وآخرين من المتعاطفين مع هذا التيار دون أن يحققوا نتيجة ذات بال؛ وفي الحراك الشعبي الجزائري الممتد منذ شهور؛ حرص أصحابه على إبعاد أنصار الإسلام السياسي، وأن يكون الحراك وطنياً ومدنياً في المقام الأول؛ وتجرى الاستعدادات في الجزائر الآن لإجراء انتخابات رئاسية في ديسمبر (كانون أول) المقبل؛ ولم يكن غريباً أن يعلن أكبر حزب «إسلامي» أنه لن يدفع بمرشح للانتخابات الرئاسية.

وغير بعيد عن تونس والجزائر ما جرى في السودان من إسقاط نظام الرئيس عمر البشير؛ الذي كان إخوانياً بامتياز، وصبغ نظامه السياسي بصبغة الأفكار الإخوانية، ولست بحاجة للإشارة إلى ما جرى في مصر يوم 30 يونيو 2013 من الإطاحة الشعبية بجماعة الإخوان، وإدراجها قضائياً كجماعة إرهابية.

كل ذلك يعني أن الإسلام السياسي رغم دعايته المكثفة؛ وعملية غسيل المخ الواسعة التي حاول أنصاره القيام بها في الشارع العربي، والمساندة الشديدة من أطراف دولية، قد تكشف عن سراب كاذب لا يحمل في تلافيفه سوى الطائفية المقيتة والفساد المالي والأخلاقي؛ والعجز السياسي، فضلاً عن العداء للوطنية وللعروبة تحت مسمى مشروع الخلافة.

ولن يقتنع أنصار هذا التيار بما جرى ولن يستسلموا للرفض الشعبي لهم، فهناك طلب عليهم ودفع لهم من بعض الأنظمة في الإقليم المحيط بعالمنا العربي، فضلاً عن أنهم يحققون طوعاً أهداف بعض الاتجاهات الدولية في إضعاف الدول العربية وإدخالها في دوامات الصراعات الأهلية.

التراجع الشديد في الاهتمام بالقضية الفلسطينية أحد أسبابه الرئيسة وجود الإسلام السياسي؛ الذي جعل إقامة مشروع الخلافة أولويته الأولى، وهدد أمن وسلام كل مجتمع على حدة؛ فبات الهم الخاص والذاتي يشغل الجميع عن الهم الأكبر.

تراجع هذا التيار يفرض علينا أمرين؛ يجب أن نسير فيهما معاً؛ الأول: الاستمرار في كشف مساوئ ومخاطر هذا الفكر على مستقبلنا وشعوبنا وبلادنا، بتفنيد مقولاتهم الأساسية تفنيداً علمياً وفكرياً متعمقاً ورصيناً؛ وإثبات أن مشروعهم غير قابل للتطبيق العملي في هذا العصر؛ ولا كان ممكناً تطبيقه في عصور سابقة، ذلك أن الدولتين الأموية والعباسية كانتا أرحب وأكثر استنارة من ذلك الذي يطرحه علينا هؤلاء «المتأسلمون».

الأمر الثاني: بناء البديل وهو الدولة الوطنية المدنية الحديثة، التي ترعى حقوق الوطن والمواطن معاً وأن تدخل بنا العصر الحديث بروحه وأفكاره فلا نخاصم العصر ونعيش عالة عليه، وهذا ما تحاوله مصر الآن؛ وهو كذلك ما يجري في السودان وتونس والجزائر.