عبدالله الفرج&

لم أكن أتوقع عندما كتبت قبل 3 أسابيع مقال «الشركات الأجنبية والرشاوى»، إن الموضوع سوف يثار قبل أوانه. فقد كنت أتوقع للفضائح بين الجمهوريين والديمقراطيين أن تبدأ العام القادم. ولكن مثلما نرى، فإن الصراع بين الرئيس ترمب والحزب الديمقراطي قد تطور بسرعة. ولذلك، فهم يحاولون أن يسحبوا من ترامب ورقته الرابحة ضد خصمه المحتمل جو بايدن. ولكن مثلما يقول المخرج الأميركي اوليفر ستون، فإن الديمقراطيين بمواصلتهم الكبس على دواسة التحقيقات، فإنهم يضرون أنفسهم بأنفسهم. فالجمهور الأميركي قد سئم من هذه القصة بكاملها.

بالفعل، فإن الديمقراطيين الذين فتحوا المواجهة مع ترمب يهدفون الإمساك به قبل فوات الأوان. لأنهم يعلمون أنه سوف يربح الانتخابات إن خاضها. ولكن في غمرة هذا الصراع، فإنهم عن قصد أو غير قصد سوف يخرجون جو بايدن الذي يفضلوه من المنافسة، لمصلحة المرشحة الديمقراطية ‫إليزابيث وارين، التي بدأت تتصدر استطلاعات الرأي. فهي وإلى الأمس القريب كان يشار إليها باعتبارها اشتراكية، وإن فوزها سوف يؤدي إلى زيادة الضرائب وقتل الوظائف وتدمر الطبقة الوسطى في أميركا.

ولذلك فدعونا نفترض إن إليزابث وارين سوف تفوز في الانتخابات الأمريكية القادمة.

&وبادئ ذي بدء لنبتعد عن المصطلحات الأيدلوجية مثل الاشتراكية والرأسمالية. ففي أوروبا هناك الاشتراكيون وغير الاشتراكيين، ولكن برامجهم متقاربة. إذ حتى في فرنسا التي يترأسها إيمانويل ماكرون غير الاشتراكي، لا يمكن للدولة أن تتخلى عن التزاماتها الاجتماعية. وفرنسا ليست الوحيدة في هذا الشأن. إذ باستثناء المملكة المتحدة، التي تخلت منذ تولي مارجريت تاتشر عن الكثير من الالتزامات الحكومية، فإن الغطاء الاجتماعي في أوروبا مرتفع جداً.

ولذلك، فإن مجيء وارين لن يحول الولايات المتحدة إلى دولة اشتراكية. ففوزها سوف يؤدي ربما إلى رفع معدل الضرائب على الشركات، وزيادة البرامج الاجتماعية المتعلقة بالتعليم والصحة والإنفاق على البنية التحتية. وهذا ليس ببعيد عن برنامج الحزب الديمقراطي ولا حتى عن برنامج الرئيس الجمهوري السابق نيكسون «الأمة العظيمة». وبالتأكيد، فإن فوز اليسارية وارين لن يؤدي إلى تخفيف الصراع مع الصين الاشتراكية. رغم أن طرق هذا الصراع قد يطرأ عليها بعض التغير. أما أوروبا فربما تكون أكثر المستفيدين. فمجي وأرين قد يعيد للعلاقة عبر الأطلسي بعض الحيوية. أما مع بلدنا فإن العلاقة، إذا ما فازت وارين، ربما تعود إلى فترة حكم أوباما. فقوة الولايات المتحدة لا تسمح لها بالتركيز على جبهتين. وإن التصدي للصين التي تسير نحو انتزاع مركز الصدارة في العالم، سوف تكون على رأس أولوية أي رئيس أميركي وبغض النظر عن الحزب الذي ينتمي إليه.