& فاتح عبدالسلام&&

&

التظاهرات العراقية خرجت منذ أسبوع تحت شعار محاربة الفساد، والسخط على تردي الخدمات وبطالة الشباب، هي تظاهرات شعبية لا قيادة مركزية لها، وليس لها أجندات سياسية بحسب شعاراتها، لكنّها مرّت بمنعطفين زادا من اشتعالها بدل أن يتم استيعابها من خلال تلبية المطالب الخدمية.

المنعطف الأوّل، هو خطاب رئيس الحكومة، الذي وعد فيه بجملة من الوعود التي كان المتظاهرون قد سمعوا أمثالها من الحكومات السابقة، غير أنّ الجديد في هذا الخطاب هو اعتبار ضحايا التظاهرات برتبة شهداء من حيث تعامل الوضع الحكومي معهم ومنحهم رواتب تقاعدية، الأمر الذي دفع ناشطين عراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، للسخرية المرّة بالقول أنّه ينبغي أن يكون كل هؤلاء الشباب المتظاهرين شهداء ليضمنوا حقوقهم!.

والمنعطف الثاني، بما أنّ التظاهرات انطلقت في المناطق البغدادية والمدن الجنوبية ذات الغالبية الشيعية، فإنّ كثيراً من المتظاهرين كانوا ينتظرون أن يأتيهم المدد والمعونة من مساندة المرجعية الدينية لهم، غير أنّ ما قالته المرجعية عبر خطبة السيد الصافي الممثل الرسمي للمرجع الأعلى، لم يمثل الطموح الذي ينشده المتظاهرون من الضغط الواجب اتخاذه على الحكومة للانتقال إلى مرحلة جادة في محاربة الفساد الذي يشل الحياة الاقتصادية ويخنق الشباب.

بعد ذلك بدا اليأس واضحاً، من عدم وجود حلول ذات جدوى للتغيير، وهنا بدأت ترتفع شعارات لها أكثر من معنى سياسي، قسم منها من خارج نطاق التظاهرات كمثل دعوة زعيم التيار الصدري لاستقالة الحكومة والبدء في انتخابات مبكرة بإشراف أممي، وهو ما عدّه المتظاهرون بعد سقوط القتيل رقم 100 منهم في اليوم الخامس للتظاهرات نوعاً من ركوب الموجة للتهدئة، ثمّ الذهاب إلى مكاسب سياسية خارج النطاق الجماهيري، كما حدث في التظاهرات التي اقتحمت مبنى البرلمان العراقي في عهد الحكومة السابقة.

قسم من الشعارات بدأت تنبثق من المتظاهرين، لا سيما تلك التي ظهرت خلال حرق جميع مقار الأحزاب الإسلامية في مدينة الناصرية ( ذي قار)، بوصفها حواضن الفساد الضارب في العاصمة، وإنّ الوضع يتعقّد مع الساعات، أمام الحلول الترقيعية، أو ما يمكن أن نطلق عليه اللاحلول.

كلّ شيء يمكن تداركه وتوجيهه إلى نطاق التفاوض، قبل أن يصبح الدم المراق هو العنوان الأبرز، وقبل أن تزداد المنعطفات في المشهد العراقي.