&عمر عليمات&&

&

جاءت الانتخابات التشريعية التونسية مشتتة لا لون لها، إذ بحسب النتائج الأولية، فإن أياً من الأحزاب لم يتخط عتبة الأربعين مقعداً في البرلمان الجديد، مما يعني أن التحالفات ضرورة، وليست خياراً لأي حزب يريد تشكيل الحكومة المقبلة.

حركة الإخوان (النهضة) منيت بهزيمة قاسية برغم ادعائها الفوز بالمركز الأول في سباق الانتخابات البرلمانية، فهي تتراجع للمرة الثالثة على التولي، فبعد سيطرتها على 37% من مقاعد مجلس 2011 تراجعت اليوم إلى نحو 18%، أي أنها لن تتمكن من تشكيل حكومة بشكل منفرد، بل ستحتاج إلى تحالف مع أحزاب أخرى، وهذا الأمر يشكل تحدياً آخر أمامها، لأن حزب «تحيا تونس» الذي يتزعمه رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يحصل على أكثر من 16 مقعداً، وهو الذي ترى فيه «النهضة» الرجل الممكن عقد تحالف معه.

النتائج ليست بالمفاجئة، على عكس ما حصل في الانتخابات الرئاسية، فالتشتت وكذلك توزع الأصوات كان شيئاً متوقعاً منذ البداية، وقد أشرت في مقال سابق إلى أن النهضة ستسعى إلى تفتيت الأصوات عبر زيادة عدد المترشحين، بحيث لا تفرز الانتخابات كتلة وازنة قادرة على إزاحة الجماعة تماماً من المشهد السياسي التونسي.

اليوم تونس أمام خيارات صعبة، بعد أن أفرزت الانتخابات الرئاسية مفاجأة غير متوقعة، لأن المتنافسين في الجولة الثانية أحدهما مستقل ولا يملك رصيداً سياسياً حزبياً يمكّنه من التغيير وفرض أجندته، والثاني مسجون بسبب قضايا تتعلق بالفساد المالي، فيما البرلمان عبارة عن خارطة تضم كافة التوجهات والتيارات بتمثيل يتراوح لغالبية الأحزاب بين مقعد واحد وعشرة مقاعد.

المشهد السياسي المقبل في تونس بالغ الضبابية، فلا أحد يعرف كيف سيحكم البلاد رئيس مستقل بلا كتلة في البرلمان أو سجين سابق ستبقى الاتهامات تطارده، وعلى الضفة الأخرى كيف سيكون لون الحكومة المقبلة ومن سيشكلها؟ فليس هناك حزب قادر على التصدي لهذا الأمر لوحده، مما سيفرض تحالفاً بين توجهات مختلفة، وقد تكون متناقضة أحياناً.

باختصار، تونس أمام مرحلة صعبة، وإن جرت انتخاباتها بشكل سلس ودون أي فوضى، فإن ما أفرزته هذه الانتخابات سواء الرئاسية أو التشريعية يعبّر عن واقع سياسي مجهول التوجه والمآلات، وعلى الأحزاب التونسية اليوم ــ التي تعيش بلادها ضمن اقليم متوترــ أن تعيد قراءة المشهد لعلّها تستطيع عبور السنوات الخمس المقبلة.

&