د. عبدالله العوضي
لا أعلم إن كان العالم مخدوعاً بإيران، أم إيران تخدع العالم؟! يقول ترامب إنه استنفد مع إيران أشد أنواع العقوبات التي تتوفر بين يديه، ولكن الصحافة الاقتصادية ترد عليه بلغة الأرقام ما يناطح تلك العقوبات. فموقع شبكة «Bloomberg» ينقل على لسان محافظ البنك المركزي الإيراني «عبد الناصر همتي» أن العملة الإيرانية قد ارتفعت بنسبة 40? في العام الماضي، وتعافت من أدنى مستوياتها التاريخية التي وصلت إليها بعد أن تخلت الولايات المتحدة في ظل إدارة ترامب، عن الاتفاق النووي المبرم في عام 2015، وأعادت فرض العقوبات على إيران.
وأضاف «همتي» أن الاقتصاد الإيراني سجل نمواً خلال الأشهر الـ 12 الماضية على الرغم من تأثير العقوبات الأميركية وتهديد الحرب، وقد اتخذت إيران تدابير للحفاظ على العملات الأجنبية بإنشائها منصة للصرف الأجنبي وتديرها الحكومة لتسهيل العرض!
كيف نفسر معادلة الاقتصاد في استعراض هذا الصراع غير المتكافئ بين دولة عظمى، ودولة تسعى للتضخم عل حساب الآخرين.
فهذا رجل دين في إيران يصرخ بأعلى صوته ليكون أكثر جرأة من الساسة الإيرانيين، وسيراً في هذا الاتجاه في التصعيد اعتبر رجل الدين الإيراني آية الله أحمد علم الهدى، أن «مساحة بلاده هي أكبر من حدودها الجغرافية»، وأرجع السبب إلى أن«كافة الفصائل المسلحة، التي تدعمها طهران في الشرق الأوسط هي جزء من إيران». وقال أيضا إن«إيران اليوم ليست فقط إيران ولا تحدد بحدودها الجغرافية. فالحشد الشعبي في العراق، وحزب الله في لبنان، وأنصار الله (الحوثيون) في اليمن، وقوات الدفاع الوطني في سوريا، والجهاد الإسلامي وحماس في فلسطين، هذه كلها إيران».
نأتي الآن إلى بعض استنتاجات الصحف الغربية تجاه هذا الخطاب الفج، لكي ندرك بأنه هو السائد في أعلى هرم السلطة في الجمهورية التي لا تشبه الجمهوريات الأخرى في شيء.
يقول تقرير في مجلة الـTime «إن الرئيس الإيراني ورئيس وزرائه لا يملكون أي سلطة في السياسة الخارجية، وقد ظهر ذلك جلياً في زيارتهما الأخيرة إلى نيويورك وعدم قدرتهما لقاء ترامب، ويضيف التقرير أن السلطة في إيران في يد خامنئي والبالغ من العمر 80 عاماً ويحمل لقب المرشد الأعلى لإيران، والذي استطاع بسياسته أن يهيمن على الأمور في سوريا ولبنان واليمن».
والأعجب من كل ما مر علينا الموقف الإسرائيلي من الأحداث الأخيرة في المنطقة وهي تمارس ما يمارسه النظام الإيراني في نفس المنطقة المشتعلة، فلنتمعن في تغريدة نتنياهو، التي يقول فيها: «إيران تتسلح بمزيد من الأسلحة وتشتد قوةً، بينما تتزايد جرأتها ووقاحتها. إنها تهاجم مسارات الملاحة الدولية وتشن هجمات على الجزيرة العربية بل تهاجم كل مكان. إنها تبعث بوكلاء الإرهاب إلى أي مكان كما تهاجم طائرة أميركية بصورة مباشرة، والآن لقد شنت هجمة على حقول النفط السعودية».
هذه إسرائيل، التي تذهب إيران من ورائها لتخلط الأوراق في المنطقة، وترد على من تزعم مسحها من خريطة الكرة الأرضية من خلال وكالة أنباء«تسنيم»الإيرانية: كشف رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني حجة الإسلام حسين طائب، عن إحباط مخطط زعم أنه صهيوني لاغتيال قائد«فيلق القدس» التابع لحرس الثورة الإسلامية اللواء قاسم سليماني، واعتقال عناصر العصابة من قبل استخبارات الحرس الثوري.
ومنذ أكثر من أربعين عاماً وإسرائيل تهدد بقصف المفاعلات النووية الإيرانية، إذا لم يتقزم النظام، وقد قصفت بدلاً من ذلك المفاعلات العراقية، ومقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس وسيارة «عماد مُغنية» في دمشق، وقافلة شاحنات في السودان، ولكنها لم تستهدف إيران حتى الآن؟!