عبداللطيف الملحم
في البداية.. لمعرفة النوايا التركية، فما عليك إلا سماع إعلامها سواء فيما يخص الاعتداء على أراضي المملكة العربية السعودية بواسطة جماعة الحوثيين الإرهابية أو الهجوم الإرهابي الأخير على منشآت أرامكو السعودية في أبقيق وخريص.. وكل ذلك ليس بالجديد من الدولة التركية.

لو رجعنا قليلا إلى الوراء، فعندما أحست إسرائيل بالعزلة بعد العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956م بعد مشاركتها مع بريطانيا وفرنسا، بدأت الدوائر السياسية الإسرائيلية بالبحث عن منافذ تستطيع من خلالها التحرك بسرعة وبمرونة تسمح لها بالمضي في ترسية الأمور الداخلية في وقت كانت إسرائيل صغيرة؛ كونها لم تكن بعد قد احتلت الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان. فإسرائيل في العام 1956م كان عمرها يبلغ فقط 8 سنوات. وفي تلك الفترة ورغم اعتراف الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بإسرائيل، إلا أن العلاقة في ذلك الوقت لم تصل إلى علاقة مصير مشترك أو علاقة إستراتيجية.

وكانت إسرائيل في حاجة إلى دول قريبة لها في وقت لم تكن أي دولة عربية تعترف بإسرائيل. وإسرائيل كانت تحت تهديد مستمر دون وجود أي عمق إستراتيجي. وجاء عامل الإنقاذ من إيران وتركيا. وفي تلك الفترة كانت هناك اتفاقيات استخباراتية بين إسرائيل وتركيا والتي تعتبر من أوائل الدول التي اعترفت بإسرائيل. وبهذا أصبح لدى إسرائيل يد ممتدة لإيران ولكن العلاقة كانت أقوى مع تركيا. وأصبحت العلاقة الإسرائيلية التركية من الأقوى على المستوى العسكري والاستخباراتي والاقتصادي. بل إن هناك أراضي في تركيا تم تخصيصها لتدريب القوات الجوية الإسرائيلية وغيرها من جميع النواحي. ومع الوقت أصبحت تركيا السند الأقوى لإسرائيل لدرجة أنه وبعد حرب عام 1967م لم تصوت تركيا بالموافقة على إدانة إسرائيل في إهانة للعالم العربي والإسلامي لتصبح تركيا خنجرا في خاصرة دول المنطقة.

والآن فالكل يعلم باستمرارية التعدي التركي بأبشع صوره وأشكاله. رأينا تركيا تجفف مياه أنهار العراق وتسرق ثرواته النفطية، إضافة إلى سنوات من التعدي على الأراضي العراقية واختراق أجوائه لقتل الشعب الكردي. والآن استباحت تركيا الأراضي السورية. وهنا نقول وبغض النظر عن مواقف الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي، إلا أنها ليست المرة الأولى التي تقوم بها تركيا بتهديد السيادة السورية. أي أن التهديد التركي ضد دول المنطقة مستمر وسط إعلام تركي يقوم بلي الحقائق وإظهار تركيا بمظهر الصديق الصدوق والتلاعب بمشاعر الكثير من العرب حيال ما يقوم به. ولكن طموحات تركيا تم كشفها من خلال تصرفاتها الرعناء وخاصة عندما ظنت أن الربيع العربي سيعطيها الفرصة للتغلغل بصورة أكثر في المنطقة.