&عمر عليمات

&برغم قناعتها بأن تشكيل حكومة يترأسها زعيمها راشد الغنوشي مخاطرة سياسية غير مضمونة النتائج، إلا أن حركة النهضة ــ إخوان تونس ــ أصرَّت على السير في هذا الاتجاه، مستندة إلى الدستور الذي يمنحها هذا الحق.. فهل تستطيع النهضة العودة من شباك البرلمان بعد أن أخرجها الشعب التونسي من باب الانتخابات الرئاسية؟.


"النهضة" تدرك استحالة تشكيل الحكومة، في ظل ضيق خيارات التحالف مع أحزاب أخرى، إذ أعلنت أحزاب قلب تونس والدستوري الحر وحركة الشعب رفضها الدخول في أي حكومة يتزعمها الغنوشي، الأمر الذي يجعل عملية المشاورات والتحالفات أقرب إلى إضاعة للوقت، حيث تستحوذ الأحزاب الثلاثة على أكثر من 70 مقعداً في البرلمان، مما يعني أن إخوان تونس ليس أمامهم إلا الدخول في نقاشات مع كافة الأحزاب التونسية الأخرى ذات المقعد والمقعدين، إذا ما أرادوا الحصول على ثقة النواب.

خيار إعادة الانتخابات التشريعية أصبح وارداً جداً إذا ما استمرت النهضة بتصلبها والتمسك بالدستور الذي أعطاها حق تأليف الوزارة، فبرغم الدعوات الكثيرة ــ حتى من داخل الحركة ـــ إلى ضرورة أن تختار الحركة شخصية تونسية من خارجها، لتشكيل الحكومة، أو أن يقوم الرئيس الذي يحظى بشرعية كبيرة باختيار "حكومة الرئيس"، إلا أن إخوان تونس متشبثون حتى الآن بموقفهم، ويبدو أن تونس ستدخل حالة من الضبابية السياسية في الفترة المقبلة.

&
حركة النهضة تعي المصاعب التي تواجهها، لكنها وبسبب الخسارة الكبيرة التي منيت بها في الانتخابات الرئاسية وتراجعها الكبير في التشريعية، تعول على عودتها إلى الشارع عبر تشكيل الحكومة التونسية، لذا فهي متشبثة تماماً بهذا الخيار، لخشيتها من أن تشكيل الحكومة من قِبل حزب آخر سيؤدي إلى استمرار تراجع الحركة في الشارع، وقد ينتهي وجودها مع الانتخابات المقبلة بعد خمس سنوات.

بالمختصر، إخوان تونس يصارعون من أجل البقاء (برغم مظهر المنتصر الذي يحاولون الظهور به)، فلا هم كسبوا الرئاسة ولا هم حصلوا على كتلة برلمانية تمكنهم من فرض شروطهم لتشكيل الحكومة، مما يصعّب عليهم الخيارات ويضعهم في زاوية ضيقة جداً، لذا فإن ما تقوم به الحركة ليس أكثر من محاولة يائسة ومستميتة للبقاء، وبالتالي يظل احتمال الذهاب إلى إعادة الانتخابات التشريعية أقرب إلى الواقع من تشكيل الحكومة، وهو ما تخشاه الحركة، فقد تخسر في هذه الحالة أكثر مما خسرته حتى الآن.

الذهاب لإعادة الانتخابات التشريعية أقرب إلى الواقع من تشكيل الحكومة في تونس