منى الرئيسي

لست هنا بصدد الحديث عن الأهمية الدولية التي يحظى بها معرض الشارقة الدولي للكتاب بعد 37 عاماً من العطاء الثقافي والمعرفي المتواصل، وضخامة الفعاليات والمشاركات الأدبية، والشخصيات العالمية المؤثرة التي تحل على هذا الحدث من مشارق الأرض ومغاربها، بل أتحدث اليوم عن أثرٍ حضاري عميق تحدثه الشارقة اليوم لخدمة الإنسانية جمعاء، عبر فعلها الناضج في إحداث «تغيير ثقافي».

الحياة الاجتماعية، في أي مجتمع كان، تمر في مراحلها المختلفة بتعديلات تقوم أساساً على «التغير الثقافي» فيها سواء في جوانبها المادية أو اللامادية، ولأننا نعيش في وسط ديناميكية سريعة مع اتساع مزيج الثقافات، ودخول التكنولوجيا بشكل قوي وتغير الاتجاهات الفكرية والمجتمعية والاقتصادية، نلاحظ مدى تأثر الفعل الثقافي المتراكم لينتج عنه جو ثقافي خاص بهذه المنطقة، يتطور سريعاً.

هذا التغير نلمس آثاره اليوم في أحداثنا الثقافية وعلى رأسها معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي بات «عالماً ثقافياً قائماً بحد ذاته»، يمكن أن نقيس عبره عملية التغير الاجتماعي والتغيير الثقافي، وإذا كنّا ننظر لعنصر الميولات الفكرية نجد خليطاً يصعب فصله أو إقصاء أحد أطرافه بتوفر كمٍّ هائل من العناوين في كل الحقول، فضلاً عن الكتاب الذين تعددت مرجعياتهم وانتماءاتهم الفكرية في العالمين العربي والغربي، بما لا يؤثر على الميول الداخلية في المجتمع الصغير، بل يغذي اتجاهات كل فئة بما يناسبها بشكل مسؤول.

&
التغيير الثقافي الكبير الذي نشهده في محيطنا تأثر بعوامل خارجية مع ضرورات الاتصال بالآخر والتبادل المعرفي الضخم، فباختصار، معرض الشارقة الدولي للكتاب ليس مجرد معرض، بل مختبراً ثقافياً ضخماً يتيح للعلماء استغلاله لأغراض البحث، ولا سيما تلك الخاصة بالمجتمع والثقافة.