& هاني الظاهري

أشرت في مقالة سابقة إلى أن الاعتداء التركي على الأراضي العربية السورية تحت مسمى عملية نبع السلام كان هدفه الأساس تحرير الابن غير الشرعي لنظام حزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة والمسمى بـ«تنظيم داعش» من سجون قوات سوريا الديمقراطية، وبينت أن عدد أفراد التنظيم المعتقلين في تلك السجون يزيد على 12 ألف مقاتل منهم 4 آلاف من الأجانب.

طبعا حدث ما أشرت إليه وفتحت القوات الموالية لتركيا أبواب المعتقلات للدواعش وأعادتهم إلى ميادين الإرهاب ما أجبر الولايات المتحدة على التدخل السريع لاغتيال زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي خوفاً من أن توفر له أنقره عبر أراضيها منفذاً آمناً إلى ليبيا أو غيرها من الدول المضطربة ليعيد ترتيب أوراق تنظيمه.

المسألة باتت أوضح بالأمس، إذ أعلن وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، أن بلاده سوف تعمل على إعادة سجناء تنظيم «داعش» الأجانب الذين حررتهم في شمال شرقي سوريا إلى أوروبا زاعماً أن «تركيا ليست فندقاً لعناصر داعش ممن يحملون جنسيات أوروبية».

لسنوات عمل التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب على تفكيك هذا التنظيم الإرهابي وأسر عناصره وصرف المليارات على هذا الهدف وعندما تحقق، قررت حكومة تركيا حرق كل أوراقها وكشف حقيقة أمومتها للتنظيم ونسف كل الجهود الدولية في سبيل إنقاذ ابنها غير الشرعي «داعش» ولو كلفها ذلك انهيار اقتصادها، وها هي اليوم تهدد أوروبا علانية بإرسال هذا الابن الإرهابي ليكمل مشروعه على أراضيها!.

كل ما حدث هو أن اللعب بات على المكشوف، ومن لا يمكنه رؤية ذلك فهو مصاب بالعمى السياسي، بل إن الأتراك أنفسهم باتوا يدركون ويشيرون علانية إلى الارتباط الوثيق بين تنظيم داعش والحزب الذي يحكم بلادهم «العدالة والتنمية».

قد تبتز الحكومة التركية الاتحاد الأوروبي وتقبل ببقاء الدواعش الأوروبيين الذين حررتهم من سجون قوات سوريا الديمقراطية على أراضيها مقابل بضعة مليارات من الدولارات، لكنها لن تفعل ذلك مع الدواعش غير الأوروبيين فلديها خطط أخرى لهم، منها إرسال مجموعة منهم بعد تجهيزهم لدعم حلفاء تركيا في ليبيا، وهذا بحسب تصريحات الجيش الليبي يحدث بشكل يومي عبر قوارب تتسلل إلى الشواطئ الليبية قادمة من تركيا محملة بالإرهابيين والذخائر.

أيضاً من المرجح أن تستغل حكومة تركيا الثورات الشعبية في العراق ولبنان وترسل مجموعات داعشية إلى هاتين الدولتين بهدف إشعال المزيد من الفوضى التي قد تمهد الطريق لتحقيق الأطماع التركية القديمة في الأراضي العربية، إذ يعتبر الحزب الحاكم في أنقرة اليوم «الموصل» وأجزاء كبيرة من شمال العراق أراض تركية ينبغي استعادتها، والأمر كذلك مع طرابلس شمال لبنان.

الأكيد أن خطر المشروع التركي التوسعي في المنطقة والعالم لا يقل بأي حال من الأحوال عن الخطر الإيراني، فكلاهما يسعيان لابتلاع الأراضي العربية، وكلاهما يوظفان ويدعمان التنظيمات الإرهابية لتحقيق ذلك، وعلى العالم أن يوقفهما قبل فوات الأوان.
&