عبدالله بن بخيت

من كانت أعمارهم خمساً وعشرين سنة عندما تسلم خادم الحرمين قيادة البلاد والأمير محمد بن سلمان ولاية العهد أصبحوا الآن في الثلاثين من العمر، بعد خمس عشرة سنة سيكون بين هذه الفئة السنية وبين الفكر المتشدد عشرون سنة، هذه العشرون سنة سوف تمتلئ بكثير من الأحداث والمفاهيم التي لا علاقة لها بالماضي. أهم ما سوف يتعلمونه في هذه الفترة معنى كلمة هدف، كلمة هدف لم تأخذ طابعاً عملياً وتصبح جزءاً من حياة الناس والدول إلا في العصر الحديث. الدول في الماضي لم تكن تعرف كيف تخطط وتحدد المستقبل ولا تعرف معنى الاحصائيات التي تبنى عليها الخطط، كانت حيوات مواطني الدول في الماضي تقوم على العمل يوماً بيوم، لا يظهر المستقبل إلا في صورة باهتة لا معالم لها.

كثير منا ينظر إلى التغيير الذي حدث في المملكة في المسألة الاجتماعية كالحقوق والحريات الفردية، تعديل أو إلغاء قوانين تجاوزها الزمن، اللافت الأكبر ذلك التطور النوعي في حقوق المرأة، هذا شيء رائع لكن ثمة شيئاً آخر حدث، تغيير طريقة التفكير عند المواطن السعودي، أصبحت شؤون الحياة شاغله وجزءاً أساسياً من نمط تفكيره، لم يعد المواطن السعودي ينتظر الوعود الوردية والجمل الشعرية التي تصاغ بها حياته، لم يعد في حاجة لمن يقوده، انتهى عصر الانتساب لرجل يقود حياته ويوجه أفعاله ويعلمه الخطو في أدق شؤون حياته.

نما عند الشاب السعودي الإحساس بالمسؤولية، أصبحت علاقته بالآخرين تقوم على القوانين والأنظمة فقط، ليس له أب وأم غير أبويه البيولوجيين، وليس له قيادة غير قيادة البلد العليا.

كلمة الهدف تعني في الفكر الثيوقراطي أن تتجه إلى شيء أعظم وأجل مما تتوقعه ولكنه غير محدد بشكل أو زمن ولا يمكن تحقيقه، كأن أعدك بالعدالة، دون أن أحدد معنى العدالة، أترك لك&أن تضع تعريف العدالة بالكيفية التي تريدها وحسب ما تشعر به من ظلم، لا أشير إلى القوانين والأنظمة التي يجب تغييرها ولا أعدك أن هذا سوف يتحقق في زمن محدد، وعود مفتوحة لا قيمة لها وظيفتها تخدير الجماهير.

عندما طرح الأمير محمد بن سلمان الرؤية، كانت مفهوماً جديداً على الناس، أن ترى نفسك الآن وترى نفسك بعد عشر سنوات، أن ترى بلادك وعالمك بعد عشر سنوات، تصورات قابلة للقياس والمتابعة والتقويم ومحصورة في زمن محدد، الرؤية ليست مجرد نقلة اقتصادية أو اجتماعية الأهم أنها نمط تفكير ومشاركة في المسؤولية.