&عبدالله جمعة الحاج&


في الخامس من نوفمبر 2019، تمكنت الأطراف اليمنية المتخاصمة في عدن، من عقد اتفاق تاريخي بينها في الرياض، ينهي تلك الخصومة، ويوقف الاقتتال الذي نشب في الآونة الأخيرة، والذي اندلع دونما مبررات منطقية أو منطلقات عقلانية، تقنع الإنسان اليمني بأنه توجد قضايا جوهرية تستدعي ظهور مثل ذلك الاختلاف.

لذلك، فقد كانت العودة سريعة لرأب الصدع، وإنهاء الخلاف والاختلاف، والعودة إلى المسارات الصحيحة التي تصب في صالح اليمن، كوطن للجميع ولليمنيين كشعب يطمح إلى العيش في سلام وهدوء، ويحقق التنمية المنشودة.
اتفاق الرياض، الذي عقد بين الحكومة اليمنية الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، هو عمل وطني مطلوب بإلحاح في هذه المرحلة من سير الأحداث في اليمن، ويبدو بأن اليمنيين الذين شاركوا في إبرامه يعون ذلك تماماً ويقدرون المسؤولية، بأن ما تمر به بلادهم من صعاب ومآسٍ يتسبب لهم فيها «الحوثيون» ، يتطلب منهم الاتفاق لمواجهة ما هو أشد وأعظم خطراً على اليمن واليمنيين.
ما نود الإشارة إليه، أنه في نطاق «عاصفة الحزم وإعادة الأمل»، التي شنها التحالف العربي، وتشارك فيها العديد من الدول العربية، ومن بينها دولة الإمارات العربية المتحدة، بقيادة المملكة العربية السعودية، كانت الأطراف اليمنية الشريفة حاضرة فيها، خاصة حكومة اليمن الشرعية والمجلس الانتقالي، وكان هدفها «صنعاء وإن طال الزمن» لاسترداد اليمن من براثن «الحوثي»، واستعادة الشرعية اليمنية التي تم اغتصابها عنوة، لكن الذي حدث أن البوصلة اختلت، فانعطفت المسارات، وربما أن ذلك الخلل كان بفعل فاعل، لكن المهم

أن الأطراف اليمنية المختلفة تداركت الأمر، وعادت إلى جادة الصواب، وإلى العمل معاً من أجل اليمن وشعبه، من خلال هذا الاتفاق الذي عقد في الرياض.
والواقع، أنه دائماً ما يظهر أمام الشعوب- التي تناضل من أجل إرساء الشرعية في أوطانها، ومن أجل تسلم القوى الوطنية المخلصة والصادقة لزمام الأمور- العديد من القضايا الخلافية ذات الأهمية والشجون من الناحية العسكرية - التكتيكية وربما السياسية - ولعلّ من أهم المشاكل التي تصدت لها الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي قضايا الانتشار المسلح في مناطق الجنوب، بالإضافة إلى القضية الأهم، وهي وحدة القوى الوطنية وتلاحمها، من أجل العمل الخلاق نحو البناء والتطوير والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فبدون الوحدة الوطنية والتلاحم الوطني لا يمكن لشعب اليمن أن يحقق أهدافه في النصر في هذه المرحلة الحساسة من تاريخه، ويعيد دولته إلى لحمتها الأولى، لكي ترعى مصالحه في وطنه الموحد، فالدولة تكمن قوتها في وحدتها ووحدة أراضيها، وهي ما وجدت إلا لرعاية شؤون شعبها، والمحافظة على حقوق المواطنين، وحماية حرياتهم وسلامتهم الفردية.
ولا يمكن أن يتحقق ذلك، سوى بالاعتراف من قبل الدولة الوطنية ذاتها بأن للمواطنين حقوقاً مرتبطة بشخوصهم، الأمر الذي لم يحدث في اليمن، عندما اغتصب «الحوثيون» السلطة في صنعاء.
لذلك، فإن اتفاق الرياض يجسد الإجماع الوطني اليمني على استرداد اليمن من يد «الحوثيين» وأعوانهم، بشتى الوسائل والطرق المتاحة والممكنة، ما يملي على الأطراف الضالعة فيه تنظيم صفوفها، والوقوف عند كل مرحلة للمراجعة ونقد الذات، والعودة إلى المسارات الصائبة.
ومن هذا المنطلق، يتوجب عليهم استيعاب المهام والمسؤوليات الملقاة على عواتقهم تحت قيادتهم الشرعية، إن اللقاء والاتفاق الذي حدث هو أمر استراتيجي مرحلي بين الأطراف اليمنية، نتوقع منه أن يتخذ شكل العودة إلى الانصهار في لحمة الوحدة الوطنية اليمنية النضالية والفكرية والسياسية حول قضايا البلاد الراهنة، والعمل على التوصل إلى الحلول الجذرية بالسمو إلى مستوى مواجهة التناقضات والاختلافات الداخلية، وبهدف الوصول إلى إرساء وحدة وطنية، تذوب فيها جميع الأطراف اليمنية الشريفة في ساحات اليمن، في تنظيم وطني واحد.
&