&منى الرئيسي&&

أن يجيد أبناؤنا التحدث بلغات جديدة أمرُ يبدو مفرحاً وتتفاخر به الأسر فيما بينها، فكم جالست أمهات تقلن تبجحاً بأن أولادهم يتحدثون الإنجليزية بطلاقة ويواجهون ضعفاً في العربية أو حتى في اللهجة العامية.. تقلنها تفاخراً وليس تحسفاً.. نعم فهن تفكرن بمستقبل ابنائهن الجامعي الذي يسهّل اتقانهم الإنجليزية سيرهم الأكاديمي وتلقيهم للمعلومة.

لست بصدد مهاجمة هذا النوع من التفكير، فأنا أتفق معه في جانب الإعداد المبكر للحياة الأكاديمية التي يأتي فيها متطلب اتقان الإنجليزية في المقام الأول ويحدد أولوية قبول الطالب في الجامعات والمعاهد المرموقة، ولكن أن تتم هذه العملية بعد أن تحدث أزمة احلال لغوي في المدارس لتضع العربية في مأزق خطير، فهنا نتوقف لنراجع مدى استيعاب الاستراتيجيات التعليمية لما يطلق عليه بـ«التعليم ثنائي اللغة»! هذا النمط من التعليم الذي يضمن سير لغتين إلى جانب بعضهما البعض دون أن تضعف إحداهما الأخرى بدأ يلقى رواجاً في دول متقدمة، فهو يمد الطلبة بمهارات القرن الحادي والعشرين ليفكروا ويحللوا ويحلوا المشكلات بلغتين مما يوسع من مداركهم المعرفية.

هذا الاتجاه على وشك أن يكون ثورة في عالم التعليم كما يشير فابريس جاومنت مؤلف كتاب «ثورة ثنائية التعليم» الذي التقيته قبل عدة أيام، مؤكداً أن ذلك يخلق أيضاً نموذج «المواطن العالمي».

وأتساءل هنا: ما مدى استيعاب الواقع التعليمي لنموذج كهذا يوازن بين اللغات ولا ينحاز إلى إحداها؟، وكم نملك من الطواقم التربوية القادرة على تكييف المناهج الدراسية لتسير في هذا الاتجاه وتدرس التحديات التي تواجه هذا النوع من التعليم الذي حقيقة يغيب مسماه تحت مدارس البحث العلمي ويتدثر بغطاء التعليم الخاص؟.