عائشة المري&


توج «اتفاق الرياض» جهود المملكة العربية السعودية الشقيقة لرأب الصدع بين الأشقاء اليمنيين، باستضافتها مراسم توقيع الاتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في الخامس من نوفمبر 2019، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
وقال الأمير محمد بن سلمان في الكلمة الافتتاحية: إن الرياض بذلت كل الجهود لرأب الصدع بين الأشقاء في اليمن، وإن الاتفاق سيكون فاتحة جديدة لاستقرار اليمن، منوهاً «بما قدمته الإمارات من تضحيات». وقال: «إن شغلنا الشاغل هو نصرة اليمن الشقيق استجابة لدعوة الحكومة الشرعية».

أما مارتن غريفيث، المبعوث الأممي إلى اليمن، فقال «إن هذا الاتفاق يرسم ملامح المرحلة المقبلة ويمثل خطوة مهمة في جهودنا الجماعية الرامية إلى تسوية سلمية للنزاع في اليمن».
ويهدف اتفاق الرياض إلى توحيد الصف اليمني من جديد وإعادة توجيه بوصلة الصراع ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتطرفة، لذلك فقد نص على استناده للمرجعيات الثلاث: مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 والقرارات ذات الصلة ومقررات مؤتمر الرياض. ويشتمل الاتفاق على بنود رئيسية، إضافة إلى ملحق للترتيبات السياسية والاقتصادية، وملحق للترتيبات العسكرية وآخر للترتيبات الأمنية بين الطرفين.. وينص على تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى (24) وزيراً، يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية. كما ينص على عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه محافظات عدن وأبين وشبوة منذ بداية شهر أغسطس 2019 إلى مواقعها السابقة بكامل أفرادها وأسلحتها، وتحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يوماً من تاريخ توقيع هذا الاتفاق. توحيد القوات العسكرية، وترقيمها وضمها لوزارة الدفاع وإصدار القرارات اللازمة، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن.. وكل ذلك خلال ستين يوماً من تاريخ توقيع الاتفاق، والذي ينص أيضاً على إعادة تنظيم القوات الخاصة وقوات مكافحة الإرهاب في محافظة عدن، واختيار العناصر الجديدة فيها من قوات الشرعية والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، والعمل على تدريبها، وتعيين قائد لها، وترقيمها كقوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية.
وبالإجمال تتضمن بنود «اتفاق الرياض» إجراءات عملية لتقاسم السلطة في خطوات مجدولة زمنياً من شأنها أن تنقل أوضاع اليمن من الفوضى إلى الاستقرار، بالاعتماد على تغيير وتحسين أداء الإدارة السياسية والاقتصادية والعسكرية، للتفرغ لتحرير كامل التراب اليمني في مواجهة الانقلاب الحوثي.
ويمثل اتفاق الرياض مكسباً مهماً لكل اليمنيين بعيداً عن الأجندات الضيقة والمصالح الخاصة لبعض الأطراف، ونجاحه مرهون أولا بسرعة التنفيذ، وثانياً بتغليب التوقعات الإيجابية. فالحوار والتفاهم والتسوية والبناء على القواسم المشتركة، أسس سليمة لمستقبل اليمن،

بعيداً عن الأجندات الخاصة أو المصالح المرحلية.. كل ذلك برعاية مباشرة ودعم من التحالف العربي والمجتمع الدولي.
إن الصيغ التوافقية لتقاسم السلطة وإرساء الوفاق الوطني.. تخدم المشروع الوطني اليمني الموحد في مواجهة المشروع الطائفي الحوثي. والحل الأمثل لإفراغ الجماعات الطائفية كجماعة الحوثي من مصادر قوتها هو في تكريس الاستقرار والوحدة الوطنية، بغض النظر عن الاختلافات السياسية في ظل وحدة الخطر الطائفي الحوثي في اليمن.

&

&