&أمين ساعاتي

&حينما أعلنت حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في عام 2016 رؤية السعودية 2030، أفصحت عن نيتها بطرح 5 في المائة من رأسمال شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام.
ويومذاك ظن كثير من المراقبين أن هذا الإعلان مجرد إعلان سياسي لمداهنة ومغازلة الظروف التي كانت تمر بها المنطقة في ذلك الوقت.

لكن ها هي شركة الزيت العربية السعودية "أرامكو السعودية" تعلن رسميا بدء فترة الاكتتاب لفئة الأفراد ابتداء من 17 حتى 28 تشرين الثاني (نوفمبر)، ولفئة الشركات والمؤسسات من 17 تشرين الثاني (نوفمبر) حتى الرابع من كانون الأول (ديسمبر) 2019.
كذلك أوضحت شركة أرامكو السعودية في نشرة إصدارها، أن الحد الأدنى لاكتتاب الأفراد عشرة أسهم، بينما لا سقف للحد الأعلى، وأن فئة الأفراد تشمل الأشخاص السعوديين الطبيعيين، بمن في ذلك المرأة المطلقة أو الأرملة التي لها أولاد قصر من زوج غير سعودي، إذ يحق لها أن تكتتب بأسماء أولادها القصر لمصلحتها، شريطة أن تقدم ما يثبت أنها مطلقة أو أرملة، وما يثبت أمومتها للأولاد القصر، كذلك أوضحت نشرة الإصدار أن فئة الأفراد تشمل أي شخص طبيعي غير سعودي، مقيم أو من مواطني دول مجلس التعاون الخليجي.
كذلك أعلنت "أرامكو السعودية" استهداف تخصيص 0.5 في المائة من أسهمها كحد أعلى للمكتتبين الأفراد، وأن الحد الأدنى لاكتتابهم عشرة أسهم.
وفي ضوء المعلومات التي طرحتها نشرة الإصدار، توقع عدد كبير من الاقتصاديين أن هذا الطرح سيعيد كثيرا من الأفراد صغار المستثمرين إلى منصة "تداول" بعد أن هجروا المنصة أعواما طويلة بسبب تعرضهم لخسائر كبيرة جراء قرارات غير رشيدة سبق أن اتخذوها في سوق المضاربة، وعرضتهم لفقدانهم جزءا كبيرا من ثرواتهم المالية!

وقد عقب اقتصاديون سعوديون على هذا الطرح الذي تطرحه "أرامكو" بوصفها أكبر شركة بترولية في العالم، بأنه الأكبر على مستوى العالم، مؤكدين أن الأسواق العالمية كانت تترقب طرح الشركة للاكتتاب كأكبر طرح في العالم، وأن «أرامكو» أكبر شركات الطاقة في السوق العالمية وأكثرها ربحية، حيث تمد أسواق الطاقة العالمية بنحو 10 في المائة من إمدادات المواد النفطية، وقدرت مراكز الأبحاث العالمية القيمة السوقية لشركة أرامكو السعودية بأكثر من تريليوني دولار، وهو رقم لا تضارعه أي شركة عالمية أخرى.
ولا نبالغ إذا قلنا إن شركة أرامكو السعودية تلعب دورا محوريا ورئيسا في مجريات الاقتصاد الدولي، وتتصدر الشركات العالمية الكبرى في مواقعها إزاء بناء الاقتصاد العالمي.
لذلك، فإن الاكتتاب في شركة أرامكو السعودية يعد فرصة استثمارية نوعية، ولأنها فرصة استثمارية نوعية، فإننا نهيب بالمستثمرين بعدم الاستعجال بالبحث عن الربح السريع، والاستعجال بالبيع، كذلك فإن هذا النوع من الاستثمار في شركة كبرى تصطف مع كبريات الشركات العالمية في السوق العالمية يوجب عدم الاقتراض بفوائد عالية، أو الاكتتاب بموقف تمويلي عال يجعل حامل السهم أو الأسهم تحت ضغط البيع العاجل والسريع لسبب أو لآخر، لأن الاستثمار في هذا النوع من الشركات؛ استثمار ممتد إلى المدى الطويل وليس استثمارا في سوق المضاربة على المدى القصير!

وهنا يجب اقتناص المزايا التي منحت للأفراد، لمن يحتفظ بأسهمه 180 يوما، حيث ستمنحه الشركة سهما مجانيا مقابل كل عشرة أسهم اكتتب فيها، وهذه الميزة قلما نجد مثيلا لها عند طرح أسهم الشركات الأخرى للاكتتاب.
إن "أرامكو السعودية" بما تمثله من ثقل في سوق الطاقة العالمية، تنفذ سياسة شفافة ومفصحة، وتضع أمام عملائها كل المعلومات والبيانات التي تساعدهم وتمكنهم من اتخاذ القرارات المناسبة على طريق المسؤولية الجماعية وبناء الثقة بين الشركة والمستثمرين.
والواقع أن نزول شركة أرامكو السعودية بكل ثقلها إلى السوق السعودية يحتاج من كل عملاء السوق إلى أن يرفعوا مستوى لياقتهم الاقتصادية حتى يكونوا في مستوى شركة من كبريات الشركات العالمية التي تطرح في السوق العالمية.
إن النتائج المتوقعة من وجود شركة أرامكو في البورصات العالمية، وكذلك في السوق الوطنية، يستلزم من الشركة ممارسة أعلى درجات الإفصاح والشفافية، لأن المستثمر لن يضخ أموالا دون الوقوف على كثير من المعلومات والبيانات المتعلقة بالشركة، والشركة من ناحيتها ستمارس أعلى درجات الموضوعية والشفافية لكسب ثقة المستثمرين المحليين والأجانب.
ولا شك أن خوض تجربة طرح جزء يسير جدا من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب، سيفتح الطريق أمام طرح مزيد من الشركات السعودية العملاقة للاكتتاب، وهذا من شأنه أن يغذي وينوع ثروات اقتصادنا الوطني.
إن طرح أسهم شركة أرامكو السعودية للاكتتاب العام، يعد مرحلة مهمة من مراحل تطوير الاقتصاد الوطني السعودي، إذ إنه يفتح بوابات جديدة لتنويع موارد الاقتصاد السعودي، وتمكينه من أن يكون اقتصادا متنوعا وثريا، وليس ضعيفا يعتمد على مورد واحد.