&حمد الكعبي

&رحم الله، فقيدنا الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، فقد ترك في ذاكرتنا الوطنية ما سيبقى محفوراً ما عشنا، عن الرجال الذين بذلوا بصمت وتفانٍ للإمارات، وتقدموا لخدمة قيادتها وشعبها، كما يليق بمن تخرجوا من مدرسة زايد، وتعلموا على يديه البذل والعطاء، وواصلوا طيب سجاياهم من بعده، في كنف صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله.

عاش قريباً من الناس، ورحل إلى جوار ربه، وهو بينهم. كان مألوفاً جداً أن يراه أهل الإمارات في مناسباتهم. لا يغيب عن الأفراح والأتراح، ويتابع كل ما يتصل بشؤون التراث خصوصاً، فقد كان رحمه الله من أبرز حراس الوجدان الإماراتي، حريصاً على تقاليده وموروثه وسنعه، مدركاً أهميته البالغة في تشكيل الهوية، وبلورة الخصوصية المحلية للإنسان الإماراتي.
نحزن لرحيله في هذا الشتاء، وندعو له بالرحمة والمغفرة، ونتذكر أنه كان في مثل هذا الوقت منذ 14 عاماً، حاضراً في الاستعدادات لمهرجان «سلطان بن زايد التراثي»، الذي ينطلق في يناير في ميدان سويحان،، وكان يعرف معنى أن تكون للشعوب جذور ثقافية، غرسها الأجداد جيلاً بعد جيل في الوعي والوجدان، ولا بد أن تظل عميقة في مكانها وزمانها، وفي عهدة أحفاد، يواكبون كل حداثة وتطور، ولا ينسون ما تسنّعوا عليه أبداً.

لم ينقطع له عمل دؤوب طوال عمره، منذ كان إلى جوار زايد الباني، ثم ممثلاً لرئيس الدولة، و«عضيداً» لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، فقد ترك زايد في الفقيد الراحل، مثلما ترك في عياله على امتداد الإمارات أن خدمة البلاد شرف وفخر، يتصدى له الشرفاء والمخلصون، بالعزم والعزيمة والإيثار والتواضع.

كان الضابط الشاب الذي تخرج من «ساند هيرست» البريطانية؛ أعرق الكليات العسكرية في العالم في العام 1973، ليتولى في العام التالي نائباً لقائد قوات أبوظبي، ويتدرج ليصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة، وذلك في مرحلة مبكرة من بناء قواعد تأسيس الدولة، وساهمت كفاءته في تقلده عديداً من الأدوار القيادية محلياً واتحادياً، ودائماً كان التراث هاجسه وميدانه الأوسع، وكان من أوائل فرسانه.
كل ما حدث على هذه الأرض في زهاء نصف قرن، كان له أبطاله ورجالاته، حققوا ما يشبه المعجزات، بالإيمان والصبر والعمل، ولم يرتهنوا إلى حظ أو صدفة، وسنظل نذكر جميعاً أن سلطان بن زايد آل نهيان كان في مقدمتهم، إلى أن تغمده الله بواسع رحمته ورضوانه.

&

&