&سارة المرزوقي

&تطالعنا الصحف بين الحين والآخر بأخبار عن فوز فرد أو جهة رسمية بجائزة، ونحتفي جداً بهؤلاء الفائزين الذين حققوا إنجازاتهم بعد اجتياز سلسلة معايير صارمة بنجاح، وربما بعد شهادة العديد من الناس باستحقاقهم للجائزة، والحقيقة أن أي تقدير وتكريم لهو لفتة تشجيعية طيبة للمخلصين وغيرهم، لإشاعة الطاقة الإيجابية في المجتمع وتعزيز روح البذل والتنافس الشريف.


الغاية من التكريم إذاً نبيلة ومقدرة جداً، لأنها مبنية على فكرة التحفيز الإيجابي، وملهِمة لوضع الخطط والاستراتيجيات التي تتطلبها الجائزة، فنسير عليها ونحقق تغييراً إيجابياً في طرائق التفكير والعادات، سواء كان ذلك عن قصد أو دونه.

ما سبق طبعاً هو القاعدة، لكن يحدث أحياناً، أن تستحوذ فكرة الحصاد على البعض بطريقة غير معقولة، فيشوب رحلته العديد من المعضلات والإشكالات الأخلاقية، فنرى مسؤولاً يُقصي ليجلس أعلى تلّة فوضاه مهما كلف الأمر، ونرى زميلاً يتهاون في اتباع النزاهة المطلوبة لتحقيق الأهداف، ولا ينجز إلا ما يساعده على جمع مادة الجائزة فقط، وقد تحدث عملية تشويه منظمة للمخلصين، ينفذها أشخاص بحوزتهم الكثير من الفراغ والمزاج الملائم لذلك.

ويحدث أن نستغرب ونتساءل بعدها: منذ متى تغير الناس؟ ومنذ متى كان العمل بهذا الشكل؟ وهل هذا هو الأثر الذي نريد أن نتركه حقاً؟

إن الإخلاص الحقيقي ينبع من إخلاصنا لغاياتنا الأسمى أولاً، وللضمير والعقل ثانياً، فالعقل المبتكر لا يتوقف عن صنع أدواته باستمرار، وأحياناً قمة الحكمة هي «ترك الجمل بما حمل»، إذا فقد الجمل قيمته الأساسية وباتت القيمة الحقيقية في اللعبة وكسبها.

وعن فلسفة الترك، قدم لنا العالمان، البروفيسور دبليو تشان كيم (W. Chan Kim) وزميلته البروفيسورة رينيه موبورن (Renée Mauborgne) من معهد إنسياد للدراسات العليا في إدارة الأعمال، استراتيجية «المحيط الأزرق»، والتي تدعو إلى التوجه من عقلية «التنافسية» إلى «الابتكار»، حيث يمكن للمتنافسين الاقتتال في محيطهم الأحمر المحموم، بينما تتجه أنت إلى الاشتغال في محيطك الأزرق.

ولكي تنجح في ذلك، عليك أن تملك رؤية إبداعية وجادة، فتسير على خارطة طريق واضحة المعالم، وتملك أدواتك الخاصة بك، ومهما حاول البعض سحبك إلى محيطه أو سلبك أدواتك، يمكنك دوماً الصمود عبر الخلق والابتكار.