حماد القشانين

«الله لا يوفقك ياللي تعبي بنزين وتنحاش، لأنك تلعب بحلالنا»، «شريك أرامكو شخصيا يصبح عليكم بالخير»، «سأذكر لكم قصة نجاحي، إذ كنت شابا معدما، ومع المثابرة والجهد والاجتهاد، صعدت السلم خطوة خطوة، حتى أصبحت شريكا في إحدى كبرى شركات البترول على مستوى العالم، بمبلغ 320 ريالا، ولكن لا أخفيكم أن المال لا يجلب الراحة، أفتقد أيام الراحة»... إلخ، وغيرها من الطقطقة التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام.

صحيح أننا نحب «الطقطقة»، وأصبحنا ننافس إخواننا المصريين في هذا المجال، «وربنا» يعين من وقع تحت طائلة ‹›طقطقتنا››، إلا أن هذه المرة تعدّ «طقطقة» مبشّرة. فبالمقارنة بين ثقافة الشارع السعودي تجاه اكتتاب أرامكو مع الثقافات السابقة في مرحلة الاكتتابات، أيام «موضة اكتتابين كل شهر»، سنجد تغيرا جذريا في الفكر والثقافة الاقتصادية لدى الغالبية العظمى.

إذ أصبح المواطن البسيط يعي ما تعنيه كلمة «مساهمة»، وأنها تجعله شريكا فيما أسهم فيه، حتى وإن كان مسهما في «مقصف المدرسة»، وأن هذه «المساهمة» تجعله معرضا للربح والخسارة، وإن توقف نشاط هذه اي شركة مساهمة فسيتوقف هذا المبلغ الذي أسهم به معها، وأنه يحتاج إلى قضايا مالية «بالسنين والأنين»، ليعود إليه جزء من حقه كمساهم، بعد أن تصفي الشـركة بعد إفـلاسها «إن بقي من درن هذه الشركة شيء››.

والأجمل من ذلك أننا وجدنا حالات ورسائل «واتس» وغيرها، تمتلئ بجزء من الفقرات التي بين السطور في الشروط والأحكام الخاصة باكتتاب أرامكو، مع شرح لها وتفصيلها و.... و.... إلخ.

وهو اكتتاب أرامكو وليست X من الشركات التي كنا نكتتب بها ونتضارب على أبواب البنوك، لنضيف ابننا الذي يبلغ من العمر أسبوعا أو أقل، ونكتتب باسمه ليصبح شريكا رسميا في هذه الشركة التي اكتشفنا أنها أفلست بعد أن تراكمت خسائرها، وتجاوزت 80% من رأسمالها، وأن تضاربنا على أبواب البنوك جعل أسهم هذه الشركة أسهم مضاربة فقط، ولا علاقة له بحالتها الاقتصادية الفعلية.

أما اليوم، فأصبحنا نناقش الاقتصاديين والخبراء، ونبحث ونسأل المتخصصين وحتى غير المتخصصين، في الصغيرة قبل الكبيرة، رغم أننا نكتتب في أكثر شركة موثوقة في العالم، والتي جعلتنا خلال العقود الماضية نفاخر بها بين الأمم، وما نفخر به هو أن الثقة بها خلال السنوات الـ3 الماضية نسبتها على التوالي 99.7 % و99.8 % و99.9 % كما ظهر على قناة CNN.

ما أريد قوله، إن هذه «الطقطقة» تبشر بالخير فيما يخص الوعي العام للمجتمع السعودي تجاه الاقتصاد المحلي والعالمي، والذي أصبح يؤثر فينا ونؤثر فيه بشكل أكبر، بعد الانفتاح الاقتصادي الكبير بين المملكة العربية السعودية والعالم.

&