&عبدالله بن بخيت

&نحن نتفرج على انهيارات عربية تسمى الربيع العربي، ما يحدث هو انقضاء أعمار وليس ثورات، من أتى أجله لا يؤخر يوماً ولا يقدم.

في الجزائر انقضى الرصيد، عندما تصرف من رأس المال ستنتهي مفلساً، أحزاب الثورة الجزائرية لم تستثمر شيئاً من رأسمالها، كان رأسمال كبيراً فظنوا أنه سيدوم إلى الأبد، حكموا باسم الثورة والاستقلال، كان الشعب يلتف حولهم، هم من قاد تحرير البلاد من المستعمر ولكن إلى متى وأن تدير نفس الأسطوانة، شاخت أصوات المغنين، جاءت أجيال جديدة لا تريد أن تفهم الكلمات الرومانسية: ثورة وتحرير واشتراكية، لم يدرك حكام الجزائر أن الزمن مضى بعيداً، لا الثورة ولا التحرير تمنح أحداً شرعية لحكم البلاد في هذا الزمان الرقمي. البناء والتقدم هما شرعية اليوم، مجدت الشعوب العربية الأيديولوجيا،&ما جرى في الجزائر هو انهيار نظام قديم ونظام جديد يريد أن يظهر من رحم الغيب.

ما حصل في الجزائر حصل في السودان وفي سورية وفي ليبيا، إذا لم تتغير يغيرك الزمان.

طبق البشير الشريعة الإسلامية في السودان كشرعية لحكمه ونادى بكل ما نادى به الأصوليون، سارت الأمور المدة الكافية التي تختبر فيها، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه، تفكك السودان وتحارب أهلها وتدهور الاقتصاد وهاجر من استطاع إلى ذلك سبيلا، استنفد النظام رصيده من الشرعية المزعومة منذ زمن بعيد ولكنه استمر مدة إضافية بالخداع المدعوم بالقوة.

ما حدث في سورية لا يمكن أن تسميه ثورة، الثورة لها شعارات غير شعار الإسقاط، ما جرى هو رفض الزيف، رفض الشعب السوري ديكورات الديموقراطية، برلمان ورئيس منتخب ودستور ونقابات وأكاذيب أخرى لا حصر لها، اختار الشعب السوري أن يمر من بوابة الجحيم لبلوغ الخلاص على أن يبقى في الزيف،&كل ما نشاهده في سورية من تنظيمات متصارعة هي خيارات مطروحة، من أقصى النور إلى أقصى الظلام، داعش ولا نظام الأسد، الجحيم مع الصدق ولا للجحيم مع الأكاذيب.

الشيء نفسه يحدث في العراق ويحدث الآن في ليبيا ولبنان، تآكل الديكورات، الشعوب العربية صارت تفهم ما تعنيه الديموقراطية وما تعنيه حرية الرأي وما تعنيه حقوق الإنسان، لم يعد اللبناني يقبل هذا النظام القادم من العصور الوسطى، نظام المحاصصة والكانتونات بقيادة العقداء الذين يتقاسمون ثروة البلاد.

عرف الشعب العراقي أن خلاصه لن يأتي من الطائفية وثورية إيران، عالم جديد يحتاج إلى نظام جديد، لم يعد الجيل الجديد يعرف معنى كلمة الإمبريالية أو الاستعمار أو الصهيونية، شعار الموت لأميركا لا يؤكل عيشاً.

العالم العربي يدخل زمناً جديداً وما نسمعه من صرخات ألم ليس سوى ألم المخاض.