&عبدالرحمن الطريري

يبدأ سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان زيارة إلى أبوظبي عاصمة دولة الإمارات، والتي تُعد ترسيخاً للعلاقات المميزة بين البلدين، واستمرارا في التنسيق المستمر والمثمر بين البلدين.

في ظل العنتريات التي مثلها عدة أنظمة عربية قبل الربيع العربي، بدعوى المقاومة والتعلق زورا بشماعة فلسطين، مثلت أبوظبي والرياض عماد محور الاعتدال، والذي على مستوى المواقف كان أصدق في الحرص على حق الفلسطينيين دون بروباغندا واهية.

وبلا شك فقد شاركهما عدة دول في نهج الاعتدال، لعل أبرزها مملكة البحرين والمغرب والأردن، بالإضافة إلى جمهورية مصر العربية.

ولعل دور محور الاعتدال كانت أكثر وعيا وانتباها للمشاريع غير العربية في المنطقة، والتي نمت وترعرعت بشكل رئيسي لغياب المشروع العربي، وقد شهدت فترة الستينات ذروة فشل المشاريع العربية المشتركة، لأن فكر بعض الزعماء ارتكز على المغالبة أكثر من المشاركة، وكان للآراء الشخصية عظيم التأثير في السياسات الخارجية للدول.

مثلت لحظة الربيع العربي ذروة تمدد المشاريع غير العربية، ومثلت كذلك ذروة التعاون السعودي الإماراتي، فتنبهت الدولتان لمشروع توزيع المنطقة العربية على تركيا وإيران، برعاية ومباركة من إدارة أوباما وهيلاري كلينتون.

بحيث يُمنح الهلال الخصيب واليمن لإيران، ومصر وتونس وليبيا لتركيا، مستندين على ركيزة الإسلام السياسي، والذي مثلته حركة الإخوان المسلمين سنّيا، ويمثله الحوثيون وحزب الله وفصائل عراقية على المستوى الشيعي.

ففي 2011 تصدت الدولتان بشكل رئيسي ضمن قوات درع الجزيرة لمحاولة إيران قلب نظام الحكم في البحرين، وضحتا بأبنائهما الشهداء من أجل عودة المنامة للسلامة، وقد تحقق ذلك بالفعل.

وفِي العام 2013 دعمت الرياض وأبوظبي ملايين المصريين، حين خرجوا للشوارع مسقطين نظام الإخوان المسلمين، الذي حاول عبثاً تغيير هوية مصر، وإعادة الاستعمار التركي، ومبايعة الباب العالي.

في العام 2015 كان باراك أوباما وجون كيري يباركان اتفاقا نوويا مع إيران، يمنحها مزيداً من الأموال لتزويد ميليشياتها للإمعان في التمدد على الجغرافيا العربية، خاصة مع انقلاب ميليشيا الحوثي، ودخولها العاصمة صنعاء في سبتمبر من العام 2014، وافتخار القيادات الإيرانية بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية.

وحينها تمثلت لحظة فخر عربية عبر تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، بقيادة السعودية وبمشاركة فاعلة من الإمارات، وتخضبت الأراضي اليمنية بدماء الشهداء من البلدين، حاملين أرواحهم على أكفهم، من أجل عزة العرب وعودة اليمن سعيداً، في لحظة بارك الغرب فيها المشاريع غير العربية في المنطقة، وظنوا أن العرب في سباتهم يعمهون.

ومن «عاصفة العزم» إلى «خلوة العزم»، أبرز أنشطة مجلس التنسيق السعودي الإماراتي، والتي تهدف إلى تفعيل بنود الاتفاقية الموقعة بين البلدين بإنشاء المجلس، ووضع خارطة طريق على المدى الطويل ليكون النموذج الأمثل للتعاون والتكامل بين الدول.

وتضم «خلوة العزم» ضمن أجندتها ثلاثة محاور إستراتيجية بين البلدين تختص بالجانب الاقتصادي والجانب المعرفي والبشري والجانب السياسي والعسكري والأمني.

العلاقات بين الدولتين بالفعل تمثل أنموذجا على التحاور والتفاهم بين البلدين، في قضايا الاختلاف قبل قضايا الاتفاق، وتوافق الدولتين امتد خيره لما يتجاوز البلدين، حيث دعم البلدان نجاح السودان في التغيير السياسي وتجنب الفوضى، ودعما كذلك المصالحة بين أرتيريا وإثيوبيا، إلى ما عدا ذلك من ملفات أخرى إقليمية وعالمية.

وللتأكد من قوة وتأثير العلاقات الوطيدة بين السعودية والإمارات، يكفي النظر إلى كمية الغضب الذي يشعر به الحاقدون من فشل مشاريعهم بفضل هذا التحالف، ولهذا لا ينفك إعلامهم عن الكذب واختلاق الشائعات بشكل لا يدفع إلا للسخرية.

&