&حمد الكعبي&

حقق الشيخان زايد بن سلطان آل نهيان، وراشد بن سعيد آل مكتوم، رحمهما الله، في اجتماع سيح السديرة في 18 فبراير 1968، حلماً قديماً لشيوخ هذه الأرض وشعبها بالانضواء تحت اتحاد، سيتحول في غضون ثلاث سنوات إلى دولة، ثم إلى مشروع نهضة متحد ومتماسك، تأسس على الإيثار والتضحية والتعاضد.
كان تطلعاً للأجداد، وغاية لهم، وبعد نظر، فالدول الاستعمارية الكبرى كانت تتهيأ لتقاسم تركة الإمبراطورية العثمانية، عندما أخذت بالتفكك والضعف، وكان على شعوب «الساحل المتصالح» أن تجد لها مكاناً في جغرافية سياسية، تتكاسر عليها إرادات القوى الاستعمارية، ومصالحها.

قبل انهيار إمبراطورية سلاطين بني عثمان، كان الشيخ زايد بن خليفة الأول يقود «اجتماع الخوانيج» في العام 1906، في حضور شيوخ لعدة إمارات، ويعلن لهم عن رغبته في قيام شكل من أشكال الوحدة على الساحل، لكن الظروف السياسية آنذاك لم تكن مهيأة بما يكفي لانبثاق المشروع، ومع ذلك استمرت محاولات الأجداد في الثلاثينيات والخمسينيات، إلى أن أصبحت واقعاً في الثاني من ديسمبر 1971، واستطاع أن يربح كل الرهانات، في مرحلة تفسّخت فيها محاولات عربية عدة للوحدة، وهيمنت الانقلابات على المشهد القومي، في أعقاب نكسة يونيو 1967.
ذلك كان من صفحات تاريخنا البعيد والقريب، نفخر به، وقد واصلنا الحلم والإنجاز. نتذكره اليوم وبلادنا تحتفل بعيدها الوطني الثامن والأربعين، وندرك جيداً أن كل ما حدث كان صعباً وشاقاً، ولكنه كان قَدراً سعيداً، بذل الآباء المؤسسون الكثير في سبيله، ليكون لنا وطن عزيز مصون بحكمة قيادته، وبولاء شعبه، وبتضحيات شهدائه.

أصبحنا في 48 عاماً فقط أول مشروع عربي متصل وناجح للوحدة. ذهبنا في مستويات التنمية إلى آفاق عالمية. أنجزنا القواعد والمعمار، وانهمك شعبنا في البناء، مستفيداً من كل إمكانات التمكين وفرصه، التي وفرتها القيادة، ووضعتها في صلب أولوياتها. لم نعد مجرد دولة نامية في الشرق الأوسط، نحن الآن نكسر احتكار الأرقام والمؤشرات التي تهيمن عليها الدول المتقدمة، ونحفر اسم الإمارات في مقاييس التعليم والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي والسعادة، وسواها من شروط التطور العلمي والثقافي والاقتصادي.
في يومنا الوطني، وعلى وقع زهونا واعتزازنا بـ«يوم الشهيد»، سنظل نذكر عطاء الآباء المؤسسين، ونكمل مسيرتهم المشرفة، ونمدّ من ماضيهم العريق وحاضرنا السعيد جسوراً إلى المستقبل، بكل ثقة وأمل.