عبدالله السعدون

المملكة اليوم في حراك قوي وجميل، يشارك فيه الشباب والشابات جنبًا إلى جنب بفضل تمكينهم من المشاركة، والاستماع إلى آرائهم، وتشجيعهم من قبل أمراء المناطق بتوجيه ومتابعة من القيادة العليا..

من الصعوبة أن تقنع نفسك بشد الرحال إلى منطقة بعيدة من مناطق المملكة لحضور فعالية شبابية أو بيئية، لكن حالما تذهب وترى وتتحدث إلى المشاركين خاصة الشباب، وتقرأ الأمل والفرح في عيونهم تحمد الله على المشاركة، فمثل هذه اللقاءات تتيح لك مقابلة المشاركين من مختلف المراحل الدراسية والعمرية، كما تستمع إلى الخبراء المهتمين بالموضوع، الذي من أجله عقد اللقاء، فتستغرب مقدار جهلك بما يجري في الوطن من حراك جميل على جميع المستويات، يقوده شباب كلهم حماس وحيوية، ويثريه أصحاب الخبرة، ويرعاه المسؤولون في الدولة.

تغير المشهد على خارطة الوطن حين أطلق ولي العهد الأمير محمد طاقات الشباب، بحراكه المستمر، وكلماته المحفزة، وبوضع الرؤية وما تحوي من برامج وأهداف ومبادرات، وشكل تمكين المرأة بشكل خاص نقطة انطلاق لمزيد من المشاركة في العمل والبناء، فخلال سنين قليلة تضاعف عدد الجمعيات الأهلية والمتطوعين في شتى المجالات، كما تضاعف عدد الفعاليات السياحية والثقافية والترفيهية، وإن كانت لفترات محدودة، لكنها تؤثر وتفتح العقول على ثقافة مختلفة وفرص واعدة.

شاركت قبل أيام في ملتقى أقيم في منطقة الباحة لقادة مجالس شباب المناطق، وبتشجيع من الزميل الدكتور حامد الشراري، الذي كان خلف صدور قرار مجلس الشورى لنظام مجالس الشباب، الذي عمل عليه سنوات حتى أصبح مشروع نظام، صدر من مجلس الشورى إلى مجلس الوزراء.

بدأ الملتقى بتوافد رؤساء مجالس الشباب من جميع مناطق المملكة، وسخّرت إمارة منطقة الباحة كل إمكاناتها لإنجاح المنتدى بتوجيه ومتابعة من أمير المنطقة، ما كان له الأثر الكبير في نجاحه، وعقد خلال يومين ورش عمل لمناقشة ما يمكن أن تسهم فيه المجالس لدعم الشباب من الجنسين، كما تخلله بعض المحاضرات من مختصين في تطوير الذات، وإحدى هذه المحاضرات قدمها مدير جامعة الأمير محمد بن فهد الدكتور عيسى الأنصاري، تحدث فيها عن تمكين الشباب، وأن المعرفة هي عماد التنمية وبوابة العبور نحو العالم الأول، وتحدث عن أفضل الممارسات العالمية لتمكين الشباب.

ومن أكثر ما أسهم في نجاح الملتقى حضور أمير المنطقة الدكتور حسام بن سعود بن عبدالعزيز، وإلقاء كلمة توجيهية، وتلقي الأسئلة من طلبة المرحلتين الثانوية والجامعية، والإجابة عنها بكل صراحة وثقة، وهنا لا بد من التركيز على النقاط المهمة الآتية:

أولًا: حضور الرجل الأول في المنطقة يجعل جميع رؤساء الدوائر الحكومية يحضرون ويشاركون، ومنها يتم إطلاع الجميع على ما لدى الشباب من برامج وطموحات وأفكار بناءة، وهو ما حصل في لقاء الباحة؛ حيث طرح الشباب بعض احتياجاتهم، مثل الفرص الوظيفية، وطلبوا مزيدًا من أماكن الترفيه، فوجه الأمير الجهات المعنية، خاصة البلديات بالتنسيق مع مجلس الشباب وإشراكهم في التخطيط، وهكذا تصل الفكرة إلى كل مسؤول في المنطقة، فحضور الرجل الأول في كل مؤسسة يجعله قريبًا ممن تقدم لهم الخدمة، ومعرفة احتياجاتهم وأوجه القصور إن وجدت.

ثانيًا: الجامعات وإدارات التعليم هي أفضل من يستطيع أن يحتوي الشباب، وأن يوفر لهم البيئة والإمكانات المناسبة لتنفيذ برامجهم التوعوية في مجال الصحة والبيئة، وإعدادهم للمستقبل بالتركيز على التعلم من أجل حياة أفضل، وتوفير كثير من الوظائف المؤقتة لهم، خاصة في الجامعات، كما هو لدى جامعات الدول المتقدمة، فالطلبة هم القائمون على مختلف الأنشطة الترفيهية والغذائية والتشغيلية لمرافق الجامعة، ليس لكسب المال فقط، ولكن للتدريب والتأهيل لسوق العمل والحياة عمومًا.

ثالثًا: القطاع الثالث غير الربحي من أهم ما يبدع فيه الشباب، وهنا لا بد من جعل التطوع جزءًا مهمًا من اهتمامات مجالس الشباب وبرامج الجامعات والتعليم العام، وتحسين وتعميم أنشطة الكشافة، وجعلها مطلبًا للتخرج في المرحلة الثانوية، وهو ما سيخلق وعيًا بأهمية التطوع، كحماية البيئة، ومساعدة الفئات المحتاجة من ذوي الإعاقة والفقراء وكبار السن، والتبرع بالدم، وغير ذلك من الأنشطة التي ستوجه طاقاتهم لما يفيدهم ويثري حياتهم ويفيد المجتمع.

المملكة اليوم في حراك قوي وجميل، يشارك فيه الشباب والشابات جنبًا إلى جنب بفضل تشجيعهم من قبل أمراء المناطق بتوجيه ومتابعة من القيادة العليا - يحفظها الله- لبناء مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.