كلمة الاقتصادية

يعد مؤشر MSCI، أحد أهم المؤشرات العالمية في عالم الأوراق المالية والاستثمار، ولقد استطاعت هذه المؤسسة العالمية اجتذاب عديد من الأسواق العالمية على مدار أكثر من 40 عاما، بما قدمته من أبحاث ومعلومات تستخدم اليوم على نطاق واسع في إدارة المحافظ والصناديق، ولقد اعتمد كثير من المؤسسات المالية والصناديق آلية هذا المؤشر من أجل تخفيض المخاطر المنتظمة لديها إلى أقل مستوى وتحقيق أعلى توازن وتنوع في المحافظ الاستثمارية، وهذا شجع الأسواق المالية على الانضمام إلى هذا المؤشر نظرا للثقة التي اكتسبها، والتي من خلالها سيتم توجيه تدفق الأموال والثروات على هذه الأسواق.

العلاقة بين الأسواق المالية وهذا المؤشر علاقة تكاملية من حيث المبدأ، فالمؤشر بحاجة إلى نظام الأسواق، والأسواق بحاجة إلى المؤشر، كما أن شروط الانضمام للمؤشر في نسخته الخاصة بالأسواق الناشئة وبما يتضمنه من قواعد الشفافية والثقة وسهولة الاستثمار، تجعل مديري الأسواق المالية في الأسواق الناشئة أكثر صرامة في تطبيق قواعد الحوكمة والإفصاح، ولهذا انضمت دول كثيرة حول العالم لهذا المؤشر من بينها عدد من دول أمريكا اللاتينية والصين والتشيك واليونان والمجر والهند وإندونيسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا وعدد من دول الشرق الأوسط، بينما تتصدر الصين أكبر الأسواق وزنا في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة بنحو 30.5 في المائة.

الإدراج في هذا المؤشر وغيره من المؤشرات المماثلة وبما يتضمنه من معلومات وشفافية يجعل هذه الأسواق أكثر انفتاحا على العالم مع تطوير آليات سهلة للوصول، وهذا ما تحقق بشكل كبير في السوق السعودية التي قفزت خلال العقدين الحالي والماضي قفزات هائلة رغم حداثة التجربة التنظيمية فيها، لكنها من خلال تطبيقها الرصين للمعايير الدولية والمؤشرات استطاعت تحقيق قفزات حققتها دول أخرى على مدار قرن كامل، وهذا في مجمله حقق أمرا في غاية الأهمية والتطور في عالم الاستثمار في المملكة، وتحقق بشكل أساس بتوجيهات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، وما تم من خطط مالية واقتصادية كلية.

لقد كانت الخطوات الرئيسة لوضع السوق المالية أمام تحديات المؤشرات العالمية نقطة تحول استراتيجية لكنها ليست الغاية النهائية، فالالتزام بمبادرات الانضمام للمؤشرات العالمية ومنها مؤشر MSCI، ضمن التحديث في كل آليات السوق ومنها دخول الاستثمارات الأجنبية، تحقق مع ارتفاع عدد الشركات السعودية التي تضمنها مؤشر MSCI السعودي لتبلغ 33 شركة، بقيمة سوقية لأسهمها الحرة نحو 171.2 مليار دولار (642 مليار ريال) بنهاية تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وهذا جعل أرضية السوق المالية السعودية مؤهلة عالميا وتقنيا لاستقبال أضخم اكتتاب في العالم، وهو اكتتاب شركة أرامكو السعودية الذي تكلل بالنجاح المذهل وتابعه كل وسائل الإعلام في العالم أجمع.

فالجهود التي بذلت من أجل تطوير السوق المالية كانت تسعى إلى جعل اكتتاب "أرامكو" ذا مصداقية عالية جدا أمام العالم، وهذا مهم جدا ليس للسوق المالية نفسها فقط بل حتى لـ"أرامكو" التي تريد تقييما عادلا وشفافا دون أي محاولات للتشكيك أو التقليل من شأنه، فإذا كانت السوق المالية السعودية شفافة وذات مصداقية وهذا بإقرار كامل من مؤشرات عالمية ذات صرامة وقبول عالمي واسع النطاق، فإن قدرة السوق السعودية على التقييم الصادق والعادل لسهم "أرامكو" سيكون شفافا وذا مصداقية وقبول عالمي، وهو ما تحقق فعلا، فقد استطاعت السوق المالية السعودية وبكل جدارة تطبيق أكثر المعايير صرامة في طرح أسهم الشركة وتطبيق إجراءات سجل الأوامر ثم طرح الشركة للاكتتاب وتسعير السهم، ثم ما حققه السهم بعد الاكتتاب من تصحيح للقيمة بشكل شفاف وعادل ليعكس القيمة الحقيقية لـ"أرامكو" التي تجاوزت تريليوني دولار.

وإذا قلنا: إن الانضمام للمؤشرات العالمية يمثل عملية تبادلية من المنافع المشتركة، فإن نظام "أرامكو" لمؤشر السوق السعودية ووفقا لتحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، سيقفز بوزن سوق الأسهم السعودية إلى 3 في المائة في مؤشر MSCI إذ يبلغ وزنه الحالي 2.8 في المائة، وسيضاف إليها 0.16 في المائة، وهو وزن عملاق النفط السعودي، وعليه سيصبح وزن سوق الأسهم السعودية "تداول" سابع أكبر الأسواق وزنا في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة متفوقا على جميع أسواق الشرق الأوسط، كما أن عدد الشركات في مؤشر MSCI للأسواق الناشئة وقبل ضم "أرامكو" يبلغ 1259 شركة من 26 دولة، بقيمة سوقية للأسهم الحرة 1.41 تريليون دولار، وبدخول شركة أرامكو فإن حجم القيمة السوقية للمؤشر قد تغير بشكل جوهري.