& نجاة السعيد


تحدث «مايكل بريجنت»، الباحث البارز بمعهد هدسون، إلى إذاعة منتدى الشرق الأوسط في واشنطن منذ أسبوع، حول المظاهرات ضد النظام العراقي المدعوم من إيران والحاجة إلى استجابة دولية. وفقًا ل«بريجنت»، السمات المميزة للاحتجاجات في العراق هي أنها بلا قيادة، واندلعت بسبب سوء الإدارة الاقتصادية وفساد الحكومة. وذكر أيضًا أن هؤلاء المحتجين يلومون وضعهم البائس إلى القوة الخارجية التي تهيمن على الهيكل الحكومي في العراق.

وأهم ما أشار إليه «بريجنت» أن دعم المتظاهرين بأسلوب خطابي ومن دون عمل استراتيجي يمكن أن يضر أكثر مما ينفع. فقد أكد على أن «أي شيء يُعطي ذريعة لهذه القوة الخارجية بالقول إن المظاهرات عبارة عن عملية إسرائيلية أميركية سعودية لدعم المخربين، شيء يجب أن نأخذ الحذر منه». وقياساً على ذلك، ما الموقف الذي يجب أن تتخذه دول الخليج وتحديداً السعودية والإمارات تجاه هذه المظاهرات؟
لا أحد يمكن ألا يلاحظ ما تشنه وسائل الإعلام الغربية الرئيسة اليسارية من هجوم مستمر على الإمارات والسعودية، والسبب في هذا الهجوم& أيديولوجي وليس سياسياً. فوسائل الإعلام اليسارية تدرك أن السعودية

والإمارات تقعان في المعسكر غير الثوري المحافظ سياسياً، وبالتالي فهو متحالف مع ندها «الجمهوري» المحافظ الغربي، لذلك يشن هذا الإعلام حرباً باستمرار على الإمارات والسعودية.
وينبغي على الإمارات والسعودية أن تقوما بشن حملة مكتملة، متحالفة مع المؤسسات والشخصيات الأميركية والأوروبية ليست فقط السياسية بل على جميع الصعد الداعمة لموقف البلدين، توضح من خلالها أن العقيدة السياسية «اليسارية» أثبتت فشلها الذريع في الشرق الأوسط. فالوضع الراهن يبرهن أن أي مشروع ديمقراطي قبل اكتمال المشروع الحداثي والتنموي ومحاربة الأيديولوجيات المتطرفة سيكون مصيره الفشل. كما أن

كل مشاريع اليسار الغربي في المنطقة من دعم أتباع «الإسلام السياسي» في الحكم، والانسحاب السابق لأوانه للقوات الأميركية من العراق وتسليمه إلى إيران، والاعتقاد أن مجموعات الإسلام السياسي يمكنها أن تكون ترياقاً مناسباً للجماعات القتالية المتطرفة مثل «داعش» و«القاعدة»، كما اعتقدت إدارة أوباما أن هذا ما يمكن أن يفعله النظام الإيراني بمحاربة «داعش» في العراق، كل ذلك أثبت فشله. فالآن يوجد متظاهرون على استعداد للموت من أجل التغيير ومقاومة الهيمنة الخارجية على شؤون العراق.
كما أن هذه الحملة الإماراتية-السعودية عليها أن تُحرج الأحزاب اليسارية والإعلام التابع لها لهجوم هذه الأحزاب باستمرار على السعودية والإمارات، وهما دولتان مستقرتان تنعمان بالرخاء والرفاهية، فهذه الأحزاب تتجاهل تماماً ما يحدث في العراق من دمار، الدولة التي كانت من المفترض أن تكون النموذج الحلم للشرق الأوسط، كما كان الوعد الأميركي، والذي أصبح عبارة عن كابوس مفجع. فالأولى أن ينصلح حال هذا المشروع المهترئ وإنقاذ المتظاهرين من القتل والتنكيل بدل الهجوم على دولتين ناجحتين.

إن المشكلة الأساسية في الأحزاب اليسارية الغربية أنها تأدلجت لدرجة تغاضيها عن أنظمة قمعية يرصد العالم سحقها لشعوبها، وذلك الموقف تتخذه فقط خدمةً لأيديولوجيتها السياسية ومحاربة ندها السياسي المحافظ. لذلك على دولنا ألا تكون كبش فداء لهذه المهزلة السياسية، وأن تفضح هذه المشاريع قدر المستطاع.
&

&