&سارة مطر&&

بعض المشاهد لا يمكن أن تغادر ذاكرتنا لأي سبب كان، المتوازن النفسي هو من يبقى على المشاهد التي ما أن يسترجعها للحظة، لابد أن تنفرج أساريره ويبتهج قلبه، فلا زلت أتذكر ذلك المشهد رغم أنه لعمري ذاك لم يكن ليحمل لي أيّ إشارة، حتى بدأت ألحظ إن من حولي يشيخون ويكبرون ويشعرون بالوحدة بسبب انشغال أبنائهم عنهم.

كنا صغاراً وعلى الدوام كنّا نذهب إلى البقالة مشياً على الأقدام، ويتصادف وجود رجل كبير في السن يجلس على الأرض، سانداً رأسه على جدار بيت نعرف أصحابه، ولكننا لم نكن نعلم أن هذا الرجل الطاعن في السن هو جد هذه الأسرة، وقد كان في زيارة لهم قادماً من قريته، فجأة ونحن نعبر أمام الرجل الكبير في السن، وجدت شقيقتي تخرج نقود البقالة وتعطيها الرجل، فابتسم الرجل وأعاد النقود لشقيقتي وقال لها: «أنا لست بفقير فهذا البيت هو بيت ابني»، وخجلت شقيقتي جداً لأنها اعتقدت أن الرجل مسكيناً وفقيراً ويجلس على الأرض استعطافاً للمارين، ولكن علمنا بعدها أن الرجل لا أصدقاء له في المدينة، ويشعر بالضجر والوحدة، لذا يجلس خارج البيت، ينظر للمارين ويتسلى بمشاهدتهم!.

حضرت ذات مرة ندوة عن كيفية إشغال كبار السن، فكان المحاضر يصر على أن يتعلم كبار السن استخدام الألواح الذكية، والجوال، وأن يتعلموا كيفية استخدامها، وبالفعل هذه الطريقة وجدتها نافعة جداً، وعلى الأخص إذا تم تعليم كبار السن على استخدام اليوتيوب والاستماع إلى مشايخ الدين أو حلقات من مسلسلاتهم القديمة المفضلة، والاستماع إلى الشيلات وغيرها، وكيفية التواصل مع أبنائهم عبر إرسال التطبيق الصوتي من خلال برنامج «الواتساب» مثلاً.. فدعونا نخرجهم من عزلتهم!.