&فاتح عبدالسلام

ثلاثة‭ ‬أحداث‭ ‬كبرى‭ ‬ومفصلية‭ ‬طبعت‭ ‬تاريخ‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬،‭ ‬لايمكن‭ ‬لمَن‭ ‬سيكتب‭ ‬تاريخ‭ ‬البلاد‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين‭ ‬إلاّ‭ ‬التوقف‭ ‬عندها‭ ‬والاستقصاء‭ ‬والتأمل‭ .‬

الحدث‭ ‬العظيم‭ ‬الاول‭ ‬هو‭ ‬الاحتلال‭ ‬الامريكي‭ ‬للعراق‭ ‬العام‭ ‬‮٣٠٠٢‭ ‬في‭ ‬سابقة‭ ‬لم‭ ‬تواجهها‭ ‬دولة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬،‭ ‬يوم‭ ‬كان‭ ‬النازي‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر‭ ‬يطوي‭ ‬البلد‭ ‬تلو‭ ‬الاخر‭ ‬تحت‭ ‬سرفات‭ ‬دبابات‭ ‬جيوشه‭.‬

‭ ‬والحدث‭ ‬العظيم‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬سقوط‭ ‬ثلث‭ ‬العراق‭ ‬بيد‭ ‬تنظيم‭ ‬داعش‭ ‬،‭ ‬لاسيما‭ ‬احتلال‭ ‬التنظيم‭ ‬لمدينة‭ ‬الموصل‭ ‬العام‭ ‬‮4102 ‬ولمدة‭ ‬ثلاثة‭ ‬أعوام‭ ‬،‭ ‬وما‭ ‬تبع‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬تضحيات‭ ‬لا‭ ‬تعد‭ ‬ولا‭ ‬تحصى‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والحجر‭ ‬ولاتزال‭ ‬التبعات‭ ‬مستمرة‭ ‬ومدمرة‭ .‬

أمّا‭ ‬الحدث‭ ‬الثالث‭ ‬الكبير‭ ‬والنوعي‭ ‬فهو‭ ‬الانتفاضة‭ ‬العراقية‭ ‬التي‭ ‬تنبثق‭ ‬من‭ ‬قلب‭ ‬بغداد‭ ‬وتعم‭ ‬جنوب‭ ‬البلاد‭ ‬كله‭ ‬،‭ ‬تحت‭ ‬شعارات‭ ‬عملية‭ ‬وعفوية‭ ‬تنسف‭ ‬كل‭ ‬مواضعات‭ ‬السلطات‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬حكمت‭ ‬العراق‭ ‬طوال‭ ‬عقد‭ ‬ونصف‭ ‬العقد‭ ‬من‭ ‬زمن‭ ‬مثقل‭ ‬بالجراحات‭ ‬والآلام‭ ‬والتردي‭ ‬والظلم‭ ‬والفساد‭ ‬والتخلف‭ .‬

‭ ‬وسبب‭ ‬عظم‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬،‭ ‬ليس‭ ‬لأنّه‭ ‬يجبر‭ ‬رئيس‭ ‬حكومة‭ ‬على‭ ‬الاستقالة‭ ‬ويسهم‭ ‬في‭ ‬تغيير‭ ‬بوصلة‭ ‬اختيار‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬عمق‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬،‭ ‬لكن‭ ‬كونه‭ ‬كشف‭ ‬عن‭ ‬مقدار‭ ‬عال‭ ‬من‭ ‬الوطنية‭ ‬العراقية‭ ‬الأصيلة‭ ‬والواثقة،‭ ‬وطنية‭ ‬كفيلة‭ ‬بضمان‭ ‬اجتراح‭ ‬مسار‭ ‬جديد‭ ‬للعراق‭ ‬نحو‭ ‬مستقبل‭ ‬،‭ ‬لامكان‭ ‬للفاسدين‭ ‬والقتلة‭ ‬فيه‭ . ‬

بعد‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬،‭ ‬يأتي‭ ‬سياسيون‭ ‬ولدوا‭ ‬وترعرعوا‭ ‬وشبوا‭ ‬في‭ ‬حاضنات‭ ‬خارجية‭ ‬قلقة‭ ‬ثم‭ ‬انتقلوا‭ ‬الى‭ ‬حاضنة‭ ‬السياسيين‭ ‬الخُدج‭&&‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬الخضراء‭ ‬أعواماً‭ ‬مديدة‭ ‬،‭ ‬ويريدون‭ ‬اليوم‭ ‬بسهولة‭ ‬متناهية‭ ‬الدوسَ‭ ‬بأقدامهم‭ ‬على‭ ‬إرادة‭ ‬الانسان‭ ‬العراقي‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬تساوى‭ ‬عنده‭ ‬الموت‭ ‬والحياة‭ ‬في‭ ‬بلد‭ ‬فُقد‭ ‬الاملُ‭ ‬فيه‭ .‬

هذا‭ ‬مسار‭ ‬لا‭ ‬اعوجاج‭ ‬فيه‭ ‬نحو‭ ‬العراق‭ ‬الجديد‭ ‬الذي‭ ‬نشدته‭ ‬الملايين‭ ‬منذ‭ ‬ستة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬ولم‭ ‬يتحقق‭ ‬منه‭ ‬شيء‭ ‬،‭ ‬وآن‭ ‬أوان‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬انّ‭ ‬الثمن‭ ‬غال‭ ‬،‭ ‬وربما‭ ‬سيكون‭ ‬في‭ ‬الشهور‭ ‬المقبلة‭ ‬أغلى‭ ‬كثيراً‭ .‬

&