مازن السديري

& قبل أسابيع أعلنت إحدى أقدم الشركات لإنتاج الألبان في كاليفورنيا عن تحولها لإنتاج الحليب النباتي بعد أكثر من 100 عام من الاستثمار في مجال الأبقار، يحدث هذا وسط توجه العالم نحو تغير ملحوظ في النظام الغذائي حيث تضاعف عدد النباتيين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ثلاث مرات في العقد الأخير، والسبب التصور أنه نظام غذائي صحي بالإضافة ‏للاتهامات البيئية ضد الأبقار وما تفرزه من غازات سامة.. ‏لكن هل هذه الفرضيات الصحيحة التي قادت هذا التغير ‏‏تتهم الأبقار بأنها تفرز 12 % من مجموع الغازات السامة، ‏‏بالرغم من وجودها في الطبيعة من آلاف السنين وليست مثل الوقود الأحفوري الذي انتشر في القرن الأخير؟

‏إن من ينظر للأرقام والنمو السكاني والاقتصادي وانخفاض الفقر عالميا بنسبة 70 % ‏وارتفاع الاستهلاك العالمي للبروتين لم يصاحبه أي ارتفاع في عدد اللحوم الحمراء؛ ‏بل انخفضت قياساً بالأربعين عامًا الأخيرة بحكم الاتهامات اللي كانت تقول بأنها سبب الكوليسترول لدى الشعوب الغنية والذي أصبحت الأبحاث مؤخرًا تشكك في مصداقية هذا الاتهام، ‏كما أن أغلب النمو الاستهلاكي مؤخراً بحكم النمو الاقتصادي جاء من قارة آسيا بين الشعوب التي تستهلك اللحوم البيضاء وليس الحمراء مثل الأميركيتين..

معلومة أخرى تقول: حجم استهلاك الأبقار في العالم لم يزدد منذ عام 1960 بينما الوقود الأحفوري تضاعف أكثر من مرة خلال نفس الفترة (البترول مثلًا ارتفع من 40 مليوناً إلى 100 مليون). ‏كما أن الدراسات التي تشجع التوجه النباتي متهمة بأنها منحرفة غير كاملة، فالنباتيون بصفة عامة لديهم اهتمام بالصحة فهم غير مدخنين ولا يتناولون الكحول ورياضيون، كما انهم أصغر سناً نسبياً مما يجعل المقارنة ‏مخادعة‏ وممكن انهم يعانون من مشكلات عديدة مثل فقر الدم، الأهم والأخطر أن سوق اللحوم الحمراء في العالم يصل اليوم إلى 1.8 ترليون دولار مما يحفز الكثير للدخول في هذا السوق ودعم دراسات غير عادلة.

‏الغريب أن ‏البقرة لا تزال منتصرة على كل من افترى عليها، فبرغم الهجوم على منتجاتها نجد في الاقتصادات الغنية ارتفع الاستهلاك في مشتقات الألبان من أجبان وكريمات مما جعل بعض الشركات تغير نشاطها لضرورة الانفاق الرأسمالي لإنتاج المشتقات وليس لتشبع السوق، وارتفع التصدير للدول التي لا تستطيع توطين صناعة الألبان.

عموماً زيادة الاستهلاك للألبان لا يقابله زيادة كبيرة في عدد الأبقار.. المهم أن تستهلك لصالح صحتك لا أن تكون مستهلكاً (لموضة) بعض الشركات الجديدة فتظلم نفسك وتظلم البقرة الطيبة.