& فاتح عبدالسلام

&

إن القصف الذي أدى لمقتل متعاقد أمريكي في قاعدة عسكرية تتواجد بها قوات أمريكية قرب كركوك في العراق، كان من نوع مختلف، من حيث النوع والكم، ذلك انّ الهجمات السابقة كانت تتم بصاروخين أو ثلاثة وبصورة تشبه الطلقات الطائشة أو التحذيرية، في حين انّ قصف قاعدة “كي وان” الاسبوع الماضي، كان دقيقاً بحيث أصاب مخزناً للعتاد وقاعة للاجتماعات وتحصينات في القاعدة، فضلاً عن انّه كان يحتوي على 30 صاروخاً، بحسب المصادر الامنية الرسمية المطلعة.

إن العملية توحي بأنّ مَن يقف وراء هذه الهجمة جهة حربية منظمة، فمن الصعب أن تنفذ العملية وحدات رسمية من الحشد الشعبي معلومة التحرك والقدرات، والتي لن تتورط في نزاع مكشوف مع الامريكان مهما كان ولاؤها لإيران.

كما أنّ تنظيم داعش فقد امكانية شن هجمات من هذا النوع منذ زمن بعيد.

&فما الذي يحدث؟، وكيف تتسارع الأحداث؟ لاسيما انّ القصف لا يبدو انّه سيكون الاخير، مثلما سبقته هجمات عدّة في جهة قاعدة “عين الاسد” في الانبار وقاعدة “التاجي” شمالي بغداد.

إن تكرار عمليات قصف القواعد العسكرية التي يوجد فيها الامريكان داخل العراق، في الاسابيع الاخيرة، مؤشر على عودة إيران إلى حاجتها للتفاوض مع الامريكان من خلال ملفات أخرى، قد تفضي الى تخفيف الضغط في الملف النووي موضع الخلاف الرئيس.

كما يمكن القول انّ طهران هي المعنية بقلق واضح، بالنظر إلى الانتفاضة العراقية غير المسيطر عليها، والتي تريد أن ترسل رسالة الى الامريكان بأنّ وقوفهم مع الانتفاضة سيفضي الى واقع حال ليس في صالح أي وجود أمريكي داخل العراق حتى لو كان رمزياً.

لا يمكن أن يتم استهداف القوات الامريكية في العراق دون علاقة ايران، تلك المعادلة تفهمها واشنطن قبل سواها منذ العام 2003، وطالما عقدت جولات من التفاوض في المنطقة الخضراء ببغداد مع الايرانيين خلال سنوات احتلالها العراق.

غير انّ الاحوال الدولية والاقليمية اختلفت، وقد لا تستجيب واشنطن الى هذا النوع من الرسائل للعودة للتفاوض فوق المسرح العراقي، ذلك انّ الامريكان سيضطرون الى اعادة تقييم أسلوب التعامل، فيما لو تعرضوا مجدّداً للقصف وسقط منهم ضحايا، وهو الاحتمال الاكثر وروداً، وربّما قد يلجؤون إلى لغة غير تفاوضية أبداً، وكل ذلك يعتمد على امكانية تحمل الضربة الموجعة وتوقيتها.