&خالد أحمد الطراح

انتهت الحكومة أخيرا من انتهاك للحقوق الدستورية بقرار وزاري بين وزارتي الصحة والداخلية من خلال «ربط آلي» بين الوزارتين للكشف عن «المزورين للإجازات المرضية»، حيث يتيح القرار الثنائي للوزارتين تتبع حركة أي مواطن عبر المنافذ الجوية والبحرية والبرية للدولة! القرار الوداعي لعام 2019 الذي كشفت عنه القبس نقلا عن «مصادر أمنية» «سيحول دون استصدار أي موظف لإجازة مرضية عن فترة كان فيها خارج البلاد»، وهو التأكيد مجددا على علل الجهاز الحكومي، الذي يحتضن أكثر من إدارة قانونية وإدارية دون جدوى تذكر!

فالقرار كما يبدو لم يراجع من جهابذة القانون الموزعين على وزارات الدولة ومجلس الوزراء من كويتيين وغيرهم، خصوصا الوافدين ممن تجاوزوا السن القانونية ويتم التجديد لهم سنويا في المكتب الفني التابع لإدارة الفتوى والتشريع، لتحديد مدى سلامة القرار الثنائي. فمثل هذا «الربط الآلي» قد يشكل انتهاكا حديثا للحقوق الدستورية للمواطن، فقد غاب عن الحكومة، حكم للمحكمة الدستورية صادر في 8 نوفمبر 1982، الذي جاء فيه «بناء على طلب مجلس الوزراء في تفسير المادة الـ99، وبيان ما اذا كان من حق عضو مجلس الامة في السؤال وفقا لهذا النص حقا مطلقا لا يحده حد، ام انه مقيد بقيود منها ألا يتعرض لما فيه مساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم الشخصية، خصوصاً ما يتعلق بأسرارهم الخصوصية مثل أسماء المواطنين، الذين تستدعي حالتهم المرضية علاجهم في الخارج وحالاتهم المرضية».

لستٌ مرجعاً بالقانون، ولكن كمواطن مجتهد بالتقصي وجدت ان المحكمة الدستورية انتصرت في حكمها «للمعنى الوارد في المواد 11 و29 و30 و31 و39 من الدستور»، حيث قررت المحكمة التالي: «أن من حق عضو مجلس الأمة في توجيه السؤال - وفق أحكام المادة الـ99 من الدستور- ليس حقا مطلقا وإنما يحده حين ممارسته حق الفرد الدستوري في كفالة حريته الشخصية، بما يقتضيه من الحفاظ على كرامته واحترام حياته الخاصة، ومنها حالته الصحية ومرضه، بما لا يصح معه لمن استودع السر الطبي - ومنهم وزير الصحة - ان يكشف سر المريض بما في ذلك اسمه دون إذنه او ترخيص من القانون».

لدينا ضوابط وقرارات وزارية صادرة من ديوان الخدمة المدنية ووزارة الصحة بخصوص الاجازات المرضية، ولكن يبدو انها غير فاعلة او ان هذه الجهات متكاسلة في التطبيق، لذا وجدت الحكومة مخرجا بالربط الآلي بين الصحة والداخلية للقضاء على مدعي المرض! إذا كانت هناك أي شبهات تزوير في الإجازات المرضية وغيرها من مستندات رسمية، فالحق الأصيل في التحقيق للنيابة العامة وحدها واستصدار القرارات اللازمة، أما الفيصل في الحكم من اختصاص المحكمة، وليس قرارات وزارية واجتهادات فردية قد تنتهك حقوق المواطن الدستورية. نتمنى أن نستمع لرأي علني ومباشر من قطاع الإفتاء والمكتب الفني لإدارة الفتوى والتشريع في تفسير مدى سلامة قرار «الربط الآلي» قانونيا في ضوء الحكم الدستوري، وإذا كانت الإدارة ليست على علم بالقرار، فهو أمر ليس بجديد عليها بسبب غياب العمل المؤسسي أساساً!.

&