عبدالله بن بخيت

على حد علمي لم يبتعث في السنوات الماضية طالب سعودي لكي يدرس مادة تتعلق بالفن، أقفل المسرح مع نهاية السبعينات وأقفلت معه أبواب الفن المختلفة، يظهر هذا جلياً عندما تتأمل في المسلسلات السعودية كافة. عندما تلقي نظرة على الرجال والنساء الذين يقفون خلف الكاميرات التي تصور الأعمال السعودية الدرامية ستتأكد أن عدد السعوديين محدود جداً، المخرج السعودي إذا لم ينتج لنفسه لن يستأجره أحد.

سيطرة المخرجين العرب على الأعمال التلفزيونية السعودية مبرر ومقبول، تدنت الخبرة عند السعوديين إلى مستوى يقترب من الصفر، ليس فقط في الإخراج وإنما في كل مجالات الفن الدرامي، لا يوجد ممثلون سعوديون ترقى بهم خبراتهم وقدراتهم للاشتراك في الأعمال الجادة مثل ممالك النار؛ نتيجة الإهمال انزوى الفن الدرامي السعودي في العيارة والإضحاك، 90 % من الممثلين السعوديين عيارون، ويمكن أن نعرف ذلك عند تسويق الأعمال الدرامية السعودية، لا يرقى أي مسلسل سعودي إلى مستوى المنافسة مع الأعمال السورية والمصرية في الأسواق العربية.

بدأت في السبعينات طلائع مسرح سعودي، شاهدنا عدداً من المسرحيات السعودية هنا وهناك، ما لبثت أن اختفت، واختفت معها صناعة الدراما ككل، توقفت صناعة الفن الدرامي والسينمائي والمسرحي عند الرواد مثل عبدالله المحيسن وسعد الفريح وأسماء أخرى اختفت من الذاكرة. الملاحظ أن هذين الاسمين المحيسن والفريح من خريجي المعاهد والجامعات البريطانية، هذا الجيل درس على حسابه الخاص.

رفض مصنفو الابتعاث تصنيف السينما والدراما كعلم، بعد تجربة الرواد لن يدرس أحد على حسابه علماً لا نفع فيه في بلاده فانقطعت الصلة بين الفن وبين العلم فغابت الفنون عن خطط التنمية.

أعلنت وزارة الثقافة خطتها لابتعاث سعوديين لدراسة السينما والمسرح وغيرهما من الفنون، نفهم من الخبر أن الوزارة تعد برنامجاً متكاملاً لتوطين هذه الفنون بصورة علمية. بينت الخطة عملية الابتعاث والتخصصات المطلوبة ولكنها لم تبين خطة التوطين. عندما يعود هؤلاء أين سيذهبون وكيف يتمكنون من نقل التكنولوجيا والفنون التي تلقوها وتوظيفها لخدمة الفن؟ لن يحقق الابتعاث كامل أهدافه إذا لم تتوفر أرض يعمل عليها هؤلاء. تستطيع وزارة الثقافة تأسيس أكثر من شركة إنتاج شبه حكومية تكون أرضية تقوم عليها صناعة الدراما والمسرح والسينما، تمول من ميزانية الوزارة في البداية إلى أن تصل إلى تحقيق الأرباح فتترك للقطاع الخاص، وأهم من ذلك سن قوانين حماية الملكية وشرف المنافسة ومكافحة الاحتكار والشللية.. إلخ، والحد من أن يكون الممثل هو المنتج وقوانين أخرى لكي يثمر ابتعاث هؤلاء عن حركة فنية كبرى تليق بحجم ومركز المملكة.