لم يكن مستغربا أن تتولى دولة عظمى كالمملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين بعد دولة اليابان في العام 2019، وذلك لأسبابٍ عدة سواء أكانت سياسيا أو جغرفيا أو اقتصاديا، فبلادنا ولله الحمد تتمتع بمكانة اقتصادية وبثقل سياسي ودولي كبير مما يشكل هذا انعكاسا لدورها القيادي العالمي والمحوري، وقدرتها على تقديم رؤية اقتصادية لمواجهة التحديات العالمية عبر تمكين القطاع الحكومي والخاص ومؤسسات المجتمع المدني، لمناقشة سبل التعاون المشترك لتعزيز النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة. وأيضا فإنها فرصة لاستعراض المجالات والفرص الاستثمارية الواعدة التي تزخر بها مملكتنا، وأما على الصعيد الجغرافي فإنها تقع على مفترق طرق لثلاث قارات هي آسيا، أفريقيا وأوروبا.

سأعرج بشكل مختصر على أهم ما تم طرحه من نتائج في الاجتماع، فعلى الصعيد المحلي سيكون التركيز وأولوية العمل أكثر على إتاحة الفرص للجميع، والعمل على رفع مستوى شمولية الخدمات المالية الرقمية للنساء والشباب والمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وإيجاد حلول ابتكارية لتطوير أسواق المال المحلية وتوظيف التقنية في تطوير البنى التحتية، ووضع أطر للمسائل الرقابية والتنظيمية دعما لعصر التقنية ومعالجة التحديات الضريبية النابعة من الاقتصاد الرقمي.

وعلى المستوى العالمي فقد تم تبادل وجهات النظر بشأن أوضاع الاقتصاد العالمي والاستثمار في البنى التحتية والنظام المالي العالمي، لتعزيز المسار المشترك لمجموعة العشرين نحو تحقيق نمو يتسم بالقوة والاستدامة والشمولية. كما تم التركيز على الهدف العام لمجموعة العشرين وهو اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين، كما أن المملكة العربية السعودية تؤكد على ضمان استمرار المجموعة في إظهار نظام شامل وواسع لوجهات النظر الدولية، كما أنها تعمل على أن تعيد إلى المجموعة الدولية حيويتها كحارس أكثر عدلا للنظام الاقتصادي العالمي، خاصة أن مجموعة العشرين ومع مرور الوقت بدأت تفقد زخم الأضواء بعد التوترات الخارجية وظهور الخلافات داخل المجموعة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين.. هذه الخلافات وضعت شكوكا حول قدرتها على التصدي للمشكلات الدولية مع إخفاقها في معالجة المشكلات الداخلية فضلا عن جعل هذه الخلافات تنحرف عن مسارها.

ورغم المتغيرات والظروف التي مرت ومازالت تمر بها بلدان العالم، إلا أن المملكة سعت بفضل من الله دوما إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كما أنها تدرك أنها إن آلت إليها رئاسة مجموعة العشرين، فإنها ستفتح أبوابها للعالم لمدة عام كامل (وذلك حتى موعد انعقاد قمة الرياض في نوفمبر القادم 2020) تنشر فيه رسالتها العالمية، وتصنع الإلهام من خلال رؤيتها الطموحة تعكس مكانتها العالمية التي حققتها من خلال تأثيرها ودورها الجوهري، في الاتزام بتحقيق الاستقرار الاقتصادي والمستدام للعالم.

للمملكة العربية السعودية تأثير قوي في صنع القرار الاقتصادي الدولي -خاصة وأن دول المجموعة العشرين تمثل نحو ثلثي سكان العالم وتستحوذ على 85 من حجم الاقتصاد العالمي إضافة الى تحكمها في 75 بالمائة من حجم التجارة العالمية- فالاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من هذا الكيان العالمي، كما أنه مؤثر لما يمثله من حجم الإنفاق على المشروعات التنموية العملاقة، كمشروع نيوم والقدية ومدينة الملك سلمان للطاقة، وأيضا دعم وتحفيز اقتصادات دول أخرى، مما يضاف ذلك إلى النجاحات المتتالية التي تخطت بها بلادنا مستويات عالية، مما يعد مؤشرا أن السعودية تمتلك نظرة مستقبلية متوازنة للنمو العالمي.

@77huda