الإخوان.. كلمة السر في الخطة التركية الإيرانية القطرية لإشعال جبهة اليمن في 2020

محمد الحمادي

توافق تركي إيراني قطري على "تسخين" الجبهة اليمنية من خلال التقريب بين إخوان اليمن والحوثيين بهدف استمرار نزيف التحالف العربي في اليمن.

قمة كوالالمبور: اللعب على الملف اليمني

لاحظ المراقب للشأن اليمني التصعيد الأخير لميليشيات حزب الإصلاح في محافظتي شبوة وأبين في اليمن مع بداية العام الجديد، وذلك على الرغم من سريان اتفاق الرياض الذي وقّعت عليه جميع الأطراف ويفترض أنها تلتزم به، فما الذي حدث؟ الجواب أن ما حدث في اليمن هو نتيجة لما تم الاتفاق عليه في كوالالمبور في الشهر الماضي. كما لاحظ أي مراقب قيام وفود “إصلاحية” بزيارة تركيا بعد انتهاء قمة كوالالمبور مباشرة. فقد قام وزير النقل اليمني صالح الجبواني، ووفود الإصلاح باللقاء مع قيادات من حزب الحرية والعدالة التركي من بينها نعمان قورتولموش ومسؤولون أتراك مثل ياسين أقطاي مستشار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

لاشك أن ما حدث في الثالث من يناير بمقتل قاسم سليماني وعدد من القيادات لم يكن في الحسبان أثناء “التآمر” في قمة كوالالمبور، إلا أن هذا الاتفاق لا يمكن أن يتغير بفقدان لاعب واحد، وإن كان أساسيا، لذا فمن المهم أن تدرك دول المنطقة “الخطة” الجديدة والتي بدأت فعليا مع بداية عام 2020 بتحركات حزب الإصلاح في اليمن. فما الذي حدث في ماليزيا في شهر ديسمبر الماضي؟

ما حدث باختصار خطة ثلاثية جديدة اتفقت عليها ثلاث دول إقليمية هي إيران وتركيا وقطر هدفها زعزعة أمن واستقرار المنطقة، وبالتحديد الإضرار بالأمن القومي العربي من خلال الملف اليمني. فبناء على معلومات من دبلوماسي عربي فإن أردوغان اجتمع بالرئيس الإيراني حسن روحاني والشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر، على هامش قمة كوالالمبور الإسلامي، التي باءت بالفشل، وتم الاتفاق على “تسخين” الجبهة اليمنية وذلك من خلال التقريب بين إخوان اليمن- الإصلاح وبين الحوثيين، بهدف استمرار نزيف التحالف العربي في اليمن. وبالتالي تعطيل فاعلية الدول العربية في الملف الليبي في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في الجبهة الليبية.

خطة ثلاثية جديدة اتفقت عليها إيران وتركيا وقطر هدفها تعطيل فاعلية الدول العربية في الملف الليبي في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في الجبهة الليبية

وتم التوافق على أن تقوم قطر ومن خلال ما يسمى بـ”الجناح القطري” في إخوان اليمن بعقد سلسلة من الاجتماعات في الدوحة وتركيا وماليزيا لتنسيق الخطوات التالية، ووفق تلك المصادر فإن التنسيق القطري التركي الإيراني في اليمن سيأخذ مجموعة من الأشكال خلال الفترة القادمة:

1 - إشهار تركيا لورقة الإخوان في اليمن “علنا” خلال الفترة القادمة من خلال التصريحات الداعمة علنيا بين تركيا وإخوان اليمن بعد أن كان حزب الإصلاح ضمن التحالف العربي والأجندة اليمنية. وإشهار الورقة الإخوانية في اليمن يأتي بعد أن نجح الإخوان، حسب تصور الأطراف الثلاثة، في تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وميدانية غير مسبوقة في اليمن، والأهداف التركية الإيرانية القطرية من هذا التحول هي المزيد من الضغط على دول التحالف العربي وخاصة الإمارات والسعودية، ودفع الحوثيين إلى القيام ببعض العمليات التي تستنفر قوات التحالف وتضعف إرادتها حتى لا تذهب أو تفكر في جبهات أخرى مثل الملف الليبي، إذ يريد أردوغان دعم قطر وإيران مقابل حصول إيران على تعاط تركي/ قطري أفضل في الحديث عن الحوثيين، وترديد أن الحوثي أفضل من “الاحتلال” الإماراتي السعودي حسب زعمهم، كما تم الاتفاق بين الأطراف التركية الإيرانية القطرية على التحرك معا في الملفات الأخرى في المنطقة.

2 - قيام الحوثي وحزب الإصلاح بستهداف قوات المجلس الانتقالي والنخب في المناطق الجنوبية، وقيام حزب الإصلاح بتقديم معلومات عن تحركات قوات المجلس الانتقالي حتى يسهل استهدافها من جانب الحوثي بما يصب في صالح الحوثيين وإخوان اليمن.

3 - قيام الحوثي بعمليات استهداف جديدة بحق السعودية، وتهديد الإمارات والسعودية بإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على أهداف سعودية حيوية.

4 - الاتفاق على أن التصعيد الحوثي تجاه التحالف العربي سيخدم إيران من خلال تفعيل “ورقة الحوثيين” الأقل تكلفة بالنسبة لإيران، بهدف تخفيف الضغط الأميركي على إيران في ملفات العراق وسوريا وحزب الله اللبناني، وتوافقت الأطراف الثلاثة عن “تجنب” التصعيد الإسرائيلي في سوريا والعراق، خاصة وأن هذا الأمر يخدم الأجندة الإيرانية في هذا التوقيت الصعب على طهران.

5 - قطع الطريق على أي تحسن في العلاقة بين الحوثي والسعودية وإفشال أي تقارب أو وساطة تقرب بين الجانبين.

6 - التشكيك الدائم في العلاقة بين الحكومة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي والتحالف العربي من خلال الحديث عن أن دعم التحالف العربي للقائد عيدروس الزبيدي وليس للشرعية، واتهام الإمارات بأن أجندتها في اليمن أجندة انفصالية هدفها تقسيم اليمن، والادعاء بأن قرار الرئيس هادي مخطوف ومعزول ويجب تحرير القرار اليمني من الهيمنة السعودية والإماراتية.

7 - التشكيك الدائم في جدوى اتفاق الرياض بأنه اتفاق ميت ولم يتحقق منه شيء، وأن الاتفاق في النهاية سيمكن الأطراف الموالية للإمارات على حساب الإخوان في اليمن.

8 - الهجوم على طارق صالح بادعاء أنه ظل للإمارات ويعمل خارج الشرعية اليمنية، وتأليب أبناء الساحل الغربي والحديدة ضد طارق صالح، ووفق هذه المعلومات فإن الضرب في طارق صالح أثمر تراجعا في عدد القوات التي تعمل معه، كما تراجعت الحاضنة الاجتماعية لقواته من خلال نشاط الخلايا الإخوانية التي تتهمه بالعمل لصالح الإمارات لا من أجل دحر الحوثي.

9 - الاستمرار في خلق الخلافات ودق الأسافين بين الإمارات والسعودية من خلال الادعاء بأن الإمارات تخدع السعودية في اليمن، وأن أبوظبي تنفذ أجندة خاصة بها وليست لها علاقة بأهداف التحالف العربي، وأن قنوات الجزيرة والإعلام الإيراني في الدول العربية سيتوليان هذا الأمر، وتمرير رسائل بأن التقارب بين إيران واليمنيين ليس عيبا، وأن التصالح مع الحوثي ممكن باعتبار الحوثي “فصيلا يمنيا” أفضل من الأطراف الخارجية، السعودية والإمارات، والادعاء بأن التصالح حتمي مع الحوثيين.

10 - إغلاق كل السبل التي يمكن أن تتوصل إلى حلول سياسية في اليمن وإفشال كل الجهود الدولية والعمانية في هذا الشأن، بحجة أن “تجميد الجبهة اليمنية” ليس في صالح الدول الثلاث، وفي سبيل ذلك ستوفر قطر مرتبات الجنود التابعيين للإصلاح خلال الفترة القادمة في حال انقطاع المرتبات من الحكومة الشرعية، وقيام تركيا بتدريب عناصر إخوانية على الطائرات المسيرة في الجزء الشمالي من قبرص حيث تتواجد قاعدة تركية كبيرة للتدريب على الطائرات المسيرة، بالإضافة إلى سحب غالبية العناصر الإصلاحية من الجبهات للضغط على السعودية والإمارات لتقديم تنازلات والتخلي عن المجلس الانتقالي الجنوبي، وقالت تلك المصادر إنه من المقرر أن تدعو تركيا قيادات قبلية تحت مسميات مثل العلاج لزيارة تركيا وتأليب هذه القيادات على الإمارات والسعودية.