عبدالله محمد الشيبة

«إنني إذ أقدر ضخامة المسؤولية أرى لزاماً علي أمام أهلي وبلدي أن أكون واضحاً بما أنادي به وبما أعتقد أنه كفيل بتحقيق الأهداف التي من أجلها تقبلت حمل الأمانة، إنني والوزراء لا نعد بتحقيق المعجزات، ولكننا سنبذل أقصى ما نستطيع للسير باتحادنا قدماً في شتى الميادين السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وهذا يتطلب أول ما يتطلب مشاركة المواطنين كل في اختصاصه وميدان عمله في تحمل المسؤولية وأداء الواجب فالمسؤولية بيننا مشتركة جميعاً ولا مجال للتهرب منها»، تلك هي مقولة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – رحمه الله – مؤسس نهضة دبي والذي حمل لواء بناء دولة الإمارات العربية المتحدة، التي أعلن عن قيامها، بجانب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه – القائد المؤسس للدولة في الثاني من ديسمبر 1971. ولقد أعلن المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، تلك المقولة عند توليه قيادة أول حكومة لدولة الإمارات، وهو بذلك قد وضع ملامح مسيرة الحكومة التي تكمل بنهاية العام مسيرة 49 عاماً من التنمية.

وكان باكورة الدروس التي نتعلم منها عند قراءتنا بتمعن لتلك المقولة أن «الاتحاد» منذ التأسيس هو الغاية والوسيلة والذي يجب الحفاظ عليه والسير به قدماً نحو المزيد من الترسيخ والتطور. كما نتعلم من تلك المقولة أن مسؤولية قيادة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة أمانة وبالعمل والإخلاص تتحقق الأهداف، التي تبدو مستحيلة. أضف إلى ذلك، درساً آخر في غاية الأهمية، وهو تحديد حكومة الإمارات منذ فجر التأسيس أبرز مجالات التنمية وهي السياسية والاقتصادية والاجتماعية. والمتتبع لمسيرة الاتحاد لا يسعه سوى التيقن بضخامة الإنجازات التي تحققت لمواطن الإمارات في تلك المجالات، ولعل من أبرزها تصنيف الدولة لعدة سنوات ضمن المراكز الأولى في تقارير التنافسية العالمية بجانب وصول جواز السفر الإماراتي إلى المرتبة الأولى على مستوى العالم وغيرها الكثير.
كما نستشف من مقولة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – طيب الله ثراه – درساً آخر وهو حتمية مشاركة المواطنين في تحمل مسؤولية بناء وتنمية الوطن لأنها ليست مسؤولية فردية بل جماعية.

والمتتبع لمسيرة الدولة منذ التأسيس يجد مدى حرص الحكومة على إعداد وتأهيل وتشجيع وتحفيز المواطنين على المشاركة في كافة أعباء المسؤولية الملقاة على عاتقهم لتطوير الوطن. وفي المقابل نجد المواطن يبذل قصارى جهده في كافة ميادين العمل، وتحت كافة الظروف إيماناً بحجم مسؤولية البناء والتنمية، ولذلك فقد برع المواطن في شتى المجالات ومن أبرزها التعليم والأمن والبحث العلمي والاقتصاد والسياسة الخارجية والهندسة والطب والرياضة والإعلام والتجارة وعلوم الفضاء وغيرها الكثير. وأخيراً نرصد في مقولة المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم – رحمه الله – ضرورة تحلي المواطن بصفة «الشجاعة» في كافة ميادين العمل وفي كل وقت وعدم التهرب من المسؤولية.
ذلك هو المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم- طيب الله ثراه- والذي عند وفاته رثاه رفيق دربه في تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بقوله: «لقد كان للشيخ راشد مساهمة كبيرة وإنجازات أكبر في ما نشهده أمامنا،

وكان دأبه طوال حياته بذل الجهد للخير العام. ليس هذا رأيي وحدي، فقد رأينا كلنا هذه الحقائق بأم العين. إن خسارته تفرض علينا جميعاً أن نحذو حذوه ونتمثل بسيرته سائرين على النهج الذي خطه، ولكن بمزيد من العزيمة والاندفاع، ترسيخاً لأركان الاتحاد وتدعيماً للأسس التي يقوم عليها هذا الوطن».