خالد أحمد الطراح

صدرت اول ترجمة اجنبية للطبعة الانكليزية لكتاب «ما بعد الشيوخ» لمؤلفه البريطاني كريستوفر م. ديفيدسون باللغة الفارسية في «وقت سابق من عام 2014»، اي بعد صدور الطبعة الاولى الانكليزية عام 2013، فيما نشرت مجلات بحثية اميركية ونقلت اجزاء عن فصول وفحوى الكتاب، خصوصا في ضوء عنوان جاذب اعلامياً! في نهاية عام 2014، صدرت الترجمة العربية للكتاب في بيروت، ما يعني ان ثمة ربما اهتماما شخصيا للمؤلف بصدور ترجمة فارسية للكتاب، او ربما ان هناك دار نشر ايرانية او جهة اخرى في طهران، وهي المدينة التي صدرت فيها النسخة الفارسية، اهتمت بتبني نفقات النشر والطباعة والترجمة للطبعة الفارسية ايضا! حين قرأت الكتاب منذ صدوره بالانكليزية، حرصت على اعادة قراءته اخيرا بناء على التطورات السريعة، التي تشهدها المنطقة نتيجة تصعيد ايراني والتفاف في المحافظة على علاقات حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون دول الخليج العربي، فضلا عن المقترح الايراني الذي ولد ميتا بخصوص عدم الاعتداء بين ايران والكويت وقطر وعمان، مع استثناء ايراني واضح وربما متعمد لكل من السعودية والبحرين والإمارات. الى ذلك، فثمة مؤشرات تؤكد تورط ايراني على المستويين الاقليمي والدولي باستهداف مصالح هذه الدول بشكل مباشر وغير مباشر ايضا، من خلال ميليشيات الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان وكذلك الحال في العراق.

يتناول المؤلف في مقدمة النسخة العربية للكتاب انه سارع في استعجال الانتهاء من «مخطوطته»، في ظل «صدمات انخفاض النفط وأزمات الائتمان والتلاعب في الممتلكات والحملات الارهابية والطائفية المتفشية، وهو ما دعاه الى التنبؤ بـ حالة من الانهيارعلى حد تعبيره، كما حدد الباحث البريطاني خلال بدايات «النقاشات الصريحة والمتحفظة» موضوع الزوال المفترض في غضون سنوات. مضى على صدور الكتاب بطبعته الاصلية، الانكليزية، اكثر من سبعة اعوام، فيما مضت سنوات عدة منذ صدوره بالفارسية والعربية، ولم يبرز مؤشر على صحة ما توصل اليه المؤلف من «تنبؤ» غير علمي حول الانهيار المزعوم! الوضع الاستثنائي الوحيد الذي تعاني منه دول مجلس التعاون الخليجي حاليا يتمثل في خلاف بين الاشقاء في الامارات والسعودية والبحرين مع الشقيقة قطر، لم تستطع الكويت حتى تاريخه ان تجد له «حلا بالافق»، ولكن ظلت الانظمة باقية وراسخة، فيما شهدت هذه الدول تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية تشير الى قفزات في بعضها نحو الخروج من الاوضاع التقليدية. ثمة نقاط اختلاف واتفاق وتحفظ في طيات «البحث» وهي جميعها قابلة للجدل، ولكن هناك انحيازا واضحا للمؤلف، خصوصا في الفصل المتعلّق بـ«معاداة ايران»، اي معاداة دول الخليج العربي للنظام الايراني، وهو ما يستوجب التوقف عنده. كما سنبين ذلك في حلقة الغد من المقال.