محمد خليفة

تسعى دولة الإمارات منذ نشأتها، إلى تقوية روابط الإخاء بينها وبين أشقائها وأصدقائها؛ خاصة دول العالم العربي والإسلامي، وتلعب الدبلوماسية الإماراتية، دوراً مهماً في هذا المضمار.
وتعتبر دولة باكستان من الدول التي تحرص الإمارات على بناء جسور تعاون متينة معها؛ حيث ترتبط مع باكستان بشراكة استراتيجية فعلية تتسم اليوم بزخم جديد، والعلاقات بين الدولتين متينة ومبنية على الثقة والصداقة، ودائماً ما اتسمت السياسة الخارجية لدولة الإمارات باتزان الموقف ووضوح الهدف، وتجلى ذلك عبر علاقاتها العربية والإقليمية والدولية، ومن خلال مواقفها التي ما فتئت تعبر عن سياسات مستقلة، تأخذ بعين الاعتبار البعدين العربي والإسلامي، ركيزة أساسية في التعامل مع دول العالم. وباكستان دولة شقيقة وبينها وبين العرب تاريخ مشترك هو التاريخ الإسلامي، كما يسكن باكستان ملايين العرب منذ القرون الإسلامية الأولى، وهم متمسكون بأنسابهم وعروبتهم. وكانت دولة الإمارات منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه قد وجهت اهتمامها وعنايتها لباكستان الجارة والدولة الشقيقة، وترسخت العلاقات بين الدولتين في مختلف المجالات.

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قد قام بزيارة رسمية إلى باكستان يوم الخميس الماضي والتقى مع رئيس وزراء باكستان عمران خان، وأكد سموه خلال اللقاء في إسلام آباد عمق العلاقات وأواصر الصداقة التي تجمع دولة الإمارات وباكستان، منوهاً سموه بأن لباكستان ثقلها في معادلة الأمن والسلام الإقليميين، إضافة إلى أنها تعد عمقاً استراتيجياً لمنطقة الخليج العربي، خاصة في ظل الروابط التاريخية والثقافية والجغرافية والاجتماعية العميقة التي تجمع بين الجانبين منذ مئات السنين.
وفي خطوة تعكس مدى التنسيق والتعاون بين الدولتين، فقد اتفق الجانبان على تعزيز التعاون الثنائي بين قواتهما البحرية في مختلف المجالات، وجاء هذا الاتفاق خلال الزيارة التي قام بها رئيس أركان القوات البحرية الباكستانية إلى دولة الإمارات في العام الماضي؛ حيث أجرى سلسلة من اللقاءات مع كبار المسؤولين العسكريين في دولة الإمارات، وبحث معهم سبل تعزيز علاقات التعاون الدفاعي بين البلدين، فضلاً عن تبادل وجهات النظر تجاه مستجدات الأوضاع في المنطقة والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتقف منطقة الخليج على شفا حفرة، بسبب الأوضاع الإقليمية، والتي قد تجر المنطقة والعالم إلى حرب مدمرة، ما لم يتم كبح تلك المواقف، وقد أعربت دولة الإمارات عن رغبتها في السلام وقالت: «إن مشاكل المنطقة لا يمكن أن تحل إلا بالسياسة». إن هذا الموقف ينبع من حكمة القيادة الحكيمة، وبعد نظرها لما قد يؤول إليه حال المنطقة إذا تحول الصراع السياسي الحالي إلى صراع عسكري مسلح.

وتعد باكستان دولة من دول الجوار، فهي مطلة على بحر العرب، لن تكون هي الأخرى بعيدة عن أي صراع قد ينشأ، ولذلك فالتنسيق العسكري بينها وبين الإمارات بات ضرورياً لكلا الدولتين، من أجل تحديد الأولويات، والعمل بمنطق الفريق الواحد؛ لضمان الملاحة البحرية في المضيق وبحر عمان. ولدى الإمارات قوة عسكرية راجحة، وجيش عالي الكفاءة، وإرادة سياسية حازمة. ومن هنا فإن التعاون الصادق بين الحلفاء وقت الأزمات يؤدي إلى نتائج إيجابية.
وتعتبر دولة الإمارات أهم شريك تجاري لباكستان، فهي تحتل المرتبة الأولى كأكبر مستثمر في البلاد، باستثمارات في مجالات الاتصالات والطيران والأعمال المصرفية والعقارية وقطاع النفط والغاز. وتعمل حالياً أكثر من 26 شركة إماراتية في باكستان، فيما تستضيف الإمارات 7 آلاف شركة باكستانية، وما يقارب المليون ونصف المليون باكستاني، يعملون في مختلف القطاعات في الدولة.
وفي الآونة الأخيرة، قدمت الإمارات مساعدة لباكستان لدعم السياسة المالية والنقدية. وتم تخصيص 200 مليون دولار لدعم المشاريع الاقتصادية المتوسطة والصغيرة في باكستان. وفي عام 2011، تأسس المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان، واستطاع خلال المرحلتين الأولى والثانية تنفيذ 165 مشروعاً تنموياً، توزعت على 4 مجالات رئيسية، وهي: الطرق والجسور، والتعليم، والصحة، ومجال توفير المياه. وبالإضافة إلى المجال الإنساني، أعلنت إدارة المشروع الإماراتي لمساعدة باكستان عن نتائج حملة الإمارات للتطعيم ضد شلل الأطفال مؤخراً، حيث نجحت في إعطاء جرعات التطعيم لأكثر من 57 مليون طفل باكستاني.

ولا تزال العلاقات الإماراتية الباكستانية تشهد العديد من المشاريع التي تؤكد عمق العلاقات الأخوية بين الشقيقتين.