هاني الظاهري

عادة ما تفاخر الدول بتدشينها أسرع قطار كهربائي أو امتلاكها أسرع طائرة نفاثة أو حتى تدشينها أسرع شبكة اتصالات إنترنتية، لكن قليلاً ما يتحدث أحد عن أسرع حركة إصلاح حقوقي في تاريخ دولة معينة أو أنظمتها، وهذا الأخير هو ما تشهده السعودية فعلياً منذ انطلاق رؤية 2030 بقيادة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومباركة خادم الحرمين الشريفين، إذ إنه وبانطلاق الرؤية انطلق أسرع قطار حقوقي في البلاد ضمن ثورة إصلاحية تاريخية بمعنى الكلمة.. ثورة عظيمة بدأت من أعلى الهرم لا قاعدته.. ثورة لا تضرها محاولات خصومها تغطيتها أو صرف النظر عنها بقضايا جانبية لا تغير من الواقع شيئاً.


قبل نحو شهرين وتحديداً في السادس من نوفمبر 2019 حذرت هيئة حقوق الإنسان برئاسة معالي الدكتور عواد العواد من التهاون في قضايا «العضل»، مؤكدة عبر بيان إعلامي تجريمها قانونياً، وطالبت جميع الجهات المعنية بالتحرك للحد من مخاطر هذه الجريمة وما يترتب عليها من عقوبات، بعد ذلك بـ 28 يوماً وتحديداً في تاريخ 4 ديسمبر 2019م نشرت الصحف خبر إصدار المجلس الأعلى للقضاء برئاسة وزير العدل رئيس المجلس الشيخ الدكتور وليد بن محمد الصمعاني، قواعد لتنظيم آلية نظر دعاوى العضل، إذ تقرر أن تفصل المحاكم في دعاوى العضل المحالة إليها خلال 30 يوماً فقط لما لها من أهمية حقوقية كبرى، كما أتاحت القواعد أن ينظر طلب المرأة التزويج إنهاءً (دون دعوى) إذا كان مستنداً لانقطاعها من الأولياء، بفقد، أو موت، أو غيبة الولي، أو عدم القدرة على تبليغه.

وفي الرابع من نوفمبر 2019 قالت هيئة حقوق الإنسان في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية «واس» إنها تتابع بعض التجاوزات غير الإنسانية التي تتداولها بعض وسائل الإعلام بين وقت وآخر ومنها قضية «زواج القاصرات»، وأوصت بسرعة إصدار قانون يحدد عمر الزواج بـ18 عاماً، ويمنع ما دونه، وبينت أن سنّ مثل هذا القانون سيعزز حماية الحق في تكوين وتحمل بناء الأسرة بما يحافظ على استمرارية الحياة الزوجية والعيش باطمئنان، ليأتي تحرك وزارة العدل بعد بيان الهيئة بنحو 20 يوماً إذ صدر تعميم بمنع جميع مأذوني الأنكحة من إجراء أي عقود زواج لمن يقل عمره عن 18 عاماً، وإحالة ما يردهم إلى المحكمة المختصة، والرفع عمن يخالف ذلك من المأذونين (وفق ما أوردته وكالة الأنباء السعودية الرسمية).

ما سبق مجرد عينة لما يحدث في السعودية اليوم من حراك حقوقي تغذيه هيئة حقوق الإنسان تحقيقاً لتطلعات وتوجيهات القيادة، فقضيتان شائكتان ومزمنتان استمر الجدل فيهما لعقود تم انهاؤهما خلال أسابيع بحراك الهيئة واستجابة وزارة العدل وهو أمر يعني أن قطار الحقوق السعودي اليوم هو الأسرع في تاريخ البلاد والمنطقة بشكل عام.