حمد الكعبي

التغيرات المناخية تجتاح العالم، وباتت مظاهرها السنوية مصدر قلق للعلماء وخبراء الأرصاد الجوية، كما أن ظاهرة الاحتباس الحراري لم تعد شأناً يخص دولة دون أخرى، أو إقليماً دون آخر، والتظاهرات الدولية مستمرة للحد من نتائجه على الكرة الأرضية، ونحن في الإمارات جزء فاعل في المنظومة الدولية المتكافلة لتقليل مخاطر التغير المناخي على عناصر البيئة كافة، واستضفنا قبل شهور «اجتماع أبوظبي للمناخ» لإيجاد منصة إقليمية لمواجهة الظاهرة.
العام الماضي، لاحظت اللجنة الحكومية الدولية لشؤون التغير المناخي، التابعة لهيئة الأمم المتحدة بأن المناطق المحيطة بالخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر هي الأكثر عرضة للتضرر من آثار التغير المناخي في العالم، وفي هذا السياق فإن لدينا أيضاً استراتيجية وقائية، تستهدف زيادة نسبة الطاقة النظيفة من إجمالي مزيج الطاقة المحلي إلى 50% بحلول العام 2050، سعياً لخفض بنسبة 75% لمعدل الانبعاثات الناجمة عن قطاع الطاقة بشكل عام، وذلك ضمن الخطة الوطنية لمواجهة آثار التغير المناخي (2017-2050).
قبل سنوات قليلة، لم نكن نعرف حدة المنخفضات الجوية، ولا الكتل الهوائية الباردة، ولا الأمطار الرعدية والسيول الجارفة. كان الشتاء تعبيراً عن مناخ صحراوي متوقع، يستعد له أهل الإمارات والخليج بالخبرة، مع شح التساقط المطري، وقلة حدوث تقلبات سيئة في المواسم، ولعل الأيام الماضية أظهرت بوضوح أن علينا التفكير في خطط جديدة لمواجهة التقلبات المناخية، تدعم خطة الدولة في إدارة التغير المناخي، وتقلل آثارها على البنية التحتية، وعناصر البيئة بشكل عام.
هطلت على الإمارات في الأيام الأخيرة أمطار قياسية، لم تشهد معدلاتها منذ العام 1996، وتعرضت البنية التحتية في تجمعات سكانية عدة لأضرار، ورأينا تجمعات مائية في الشوارع والأحياء، ما أدى إلى مشكلات في المرور، أعاقت جهود المساندة أحياناً، وهناك خسائر مباشرة، قللت منها إلى حد كبير فرق الدعم الحكومي في المناطق الأكثر تساقطاً مطرياً.

كانت أحوالاً مناخية صعبة في الإقليم. لم تكن مفاجئة في ظل تطور الرصد لاضطرابات الطقس، ولكنها تؤكد أن وسائل المواجهة التقليدية تحتاج إلى مراجعة وتحديث، فغزارة الهطول المصحوبة بالعواصف والرياح الشديدة، شكلت أعباء متزايدة على شبكات تصريف المياه في مناطق عدة بالدولة، ما يستدعي رفع جاهزيتها في السنوات المقبلة، وتأسيس أنظمة تصريف جديدة، للاستفادة من المواسم المطرية، وكذلك رفع كفاءة الأجهزة المساندة لتتعامل مع أجواء مناخية مختلفة عما تعودناه خلال العقود الماضية.
نحتاج فوراً إلى مسح للمناطق الأكثر تضرراً من العواصف الماضية، ودراسة الأجزاء الأقل فاعلية في احتمال تقلبات الطقس السنوية، مع خطط مرنة للتعامل مع الظروف الطبيعية الاستثنائية على المستوى الاتحادي، والبحث عن آليات علمية حديثة لتصريف سلس وآمن للأمطار، وقد تعودنا أن لكل مواجهة خطة ونتائج.