سارة مطر

هل هو شرف الحق، حينما لا تستطيع أن تغطي الحقيقة بغربال كما يقال؟، وقتها كلمة الحق تبقى أقوى من أي رصاصة يمكن أن تضرب في جذع شجرة، وتعود مرة أخرى لتضرب في أي مكان آخر من فرط قوتها.

إن الحقيقة لا يمكنك أن تلونها أو تعبث بها، حينما يتحدث بها أصحابها، وتشعر بأنها كانت كالكابوس يريدون الخروج منه ومواجهة الحقيقة، وهو ما جرى أثناء مشاهدتي لفيلم وثائقي عن المغاربة اليهود، الذين اختاروا السفر إلى إسرائيل، وقدّر عددهم في أولى هجرة لهم بعشرات الآلاف، وبقي في المغرب منهم حتى الآن بضع آلاف ـ كما تشير بعض المصادر ـ يعيشون في طمأنينة ويعاملون كما يعامل أي مواطن مغربي، ولديهم معبدهم الخاص يمارسون فيه طقوسهم من دون أي تدخل، بل إنهم يجدون احتراماً يفتقده المغاربة الذين هُجّروا إلى إسرائيل، وهناك اكتشفوا الكذبة التي انطلت عليهم، بأن بقاءهم في الدول العربية غير آمن، وأنهم معرضون للاضطهاد من الدولة والمواطنين، وهذه الكذبة التي اكتشفها جميع من هاجر إلى إسرائيل، ليكتشفوا الحقيقة المُرة أن إسرائيل هي الدولة الأكثر عنصرية في العالم.

إن اليهود المغاربة في إسرائيل لا يزالون يحتفظون بالكثير من عاداتهم التي عاشوا عليها في المغرب، ولا يزالون يشعرون بالفخر بجميع من حكم وطنهم المغرب، وأشادوا بأنهم لم يتعرضوا ولو لمرة واحدة لأي تصرف عنصري، على عكس الوطن الذي اعتقدوا أنه سوف يأخذهم في أحضانه.

كل من ظهر في الفيديو الوثائقي كانت تترقرق عيناه من الدموع، حزناً على تركهم بلادهم.. يتذكرون جيداً التفاصيل الحميمة بينهم وبين المسلمين، أثناء الصيام والعيد وشرب الحريرة، ويحسدون من أصروا على البقاء في المغرب.