صالح البيضاني

في الساحل الغربي لليمن كانت قوات المقاومة المشتركة على بعد أيام قليلة فقط من استكمال تحرير ميناء الحُدَيْدة، وقطع واحد من أهم شرايين الحياة، التي تمد الحوثيين بالمال والسلاح، قبل أن يتدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب، والتي بدت وكأن تحرير الحديدة سيسهم في إنهائها بالفعل لا بالمراوغات السياسية وكسب الوقت!

جمعت الأمم المتحدة الحكومة اليمنية والحوثيين في العاصمة السويدية ستوكهولم للتوقيع على اتفاقات هشة لم يتم تنفيذ أي من بنودها بعد مرور أكثر من سنة على توقيعها، بل إن الاتفاق كما يرى البعض تكريس لحالة اللاسلم واللاحرب، وأدخل الملف اليمني في منطقة رمادية ازدادت معها معاناة اليمنيين المعيشية جراء الممارسات الحوثية فقراً، ووضعت اليمن على حافة المجاعة.

في المشهد الليبي، تكرر السيناريو اليمني مع اقتراب قوات الجيش الليبي من قلب العاصمة طرابلس التي تختطفها جماعات مسلحة، تتجمع تحت لافتة حكومة مسلوبة الإرادة، فقدت مشروعيتها في تمثيل الشعب الليبي التواق للاستقرار.

ظل المجتمع الدولي يتابع مجريات الحرب في ليبيا من دون أي تدخل حقيقي لوقفها، ولكنه قام فجأة من سباته العميق عندما أصبحت قوات الجيش الليبي على مرمى حجر من إنهاء الحرب، واستعادة العاصمة وتفكيك الميليشيات، وبدأ يتحدث عن وقف إطلاق النار والخطوط الحمراء.

في الحالة اليمنية منح اتفاق السويد الحوثيين الفرصة لإعادة ترتيب صفوفهم، وحفر المزيد من خنادق الموت، وزرع حقول الألغام واستقدم عناصر مسلحة إضافية، بينما في ليبيا أسهمت الدعوات غير المسنودة بالواقعية السياسية في تدفق الآلاف من المقاتلين المرتزقة القادمين من سوريا بدعم تركي وتمويل قطري.

إن مواقف المجتمع الدولي تتسم في الغالب عند التعامل مع القضايا العربية بنوع من الارتباك وغياب المنطق السياسي، وعدم وضوح الدوافع، هذا إذا أحسنّا الظن بتلك المواقف، أما إذا وضعنا سوء الظن السياسي نصب أعيننا، فنحن أمام حقبة جديدة من الاستعمار الناعم عبر استغلال حالة الصراعات الداخلية في بعض الدول العربية، لتحقيق مصالح اقتصادية لدول غربية وجدت ضالتها في اتساع رقعة المناطق الرمادية في الملفات العربية الساخنة، التي لم يسمح لها أن تحسم حرباً ولم تكن هناك جدية في إغلاقها عبر اتفاقات سلام تتسم بالواقعية السياسية، وتتعاطى مع الحقائق لا الأوهام.