جبريل العبيدي

ترحيل المقاتلين «المرتزقة» كان الورقة الضاغطة التي استخدمها الرئيس التركي لتهديد أوروبا في أمنها، فقد سبق أن هدَّد إردوغان أوروبا بترحيل بقايا «داعش» إليها، في محاولة ابتزازية متكررة، وقد نقل إردوغان مئات المقاتلين والمسلحين السوريين إلى طرابلس الليبية لإنقاذ حكومة الإخوان من الانهيار الحتمي.

الرئيس التركي يسعى للأسف إلى لعب دور قرصان المتوسط، من خلال اتفاقية حاول من خلالها التلاعب بالجغرافيا في أمرٍ مضحك، إذ توهَّم أنَّ هناك حدوداً بين بلاده وليبيا التي تفصله عنها الدول والجزر وآلاف الكيلومترات، فجعل ليبيا دولة حدودية لبلاده، من خلال خريطة وهمية رسمها مع فائز السراج رئيس حكومة الوفاق غير الدستورية.

عمليات تجنيد المرتزقة تعتبر جريمة وفقاً للاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم والتي صدرت عن الأمم المتحدة، الأمر الذي يجعل إردوغان تحت طائلة القانون الدولي كمجند وممول ومدرب ومستخدم للمرتزقة.
مرتزقة إردوغان أشرف على تجنيدهم ونقلهم عمدة طرابلس السابق في عهد الإخوان مهدي الحاراتي، آيرلندي ليبي صاحب الدور المحوري في تجنيد المرتزقة، لمعرفته بالمقاتلين السوريين، لأنَّه سبق أن قاتل إلى جانبهم وأشرف على تدريبهم.
المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد عملية نقل المرتزقة من الأراضي السورية إلى داخل الأراضي الليبية، مع تواصل عملية تسجيل أسماء الراغبين في الذهاب إلى ليبيا للقتال مقابل 2000 دولار للإرهابي الواحد، إذ وصل إلى طرابلس نحو 2400 مرتزق، في حين أن عدد المجندين الذين وصلوا إلى المعسكرات التركية لتلقي التدريب بلغ نحو 1700 مجند، وسط استمرار عمليات التجنيد في عفرين ودرع الفرات ومنطقة شمال شرقي سوريا، من فصائل «لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد ولواء صقور الشمال والحمزات وفيلق الشام وسليمان شاه ولواء السمرقند».

تجنيد المرتزقة ونقلهم اعترف به أحمد كرمو الشهابي، القيادي فيما يسمى «الجيش الوطني السوري» الموالي لتركيا إذ قال متباهياً «إننا «مستعدون للذهاب إلى الجهاد في أي مكان، لن نتوقف... أرواحنا وأطفالنا.. فداء للخلافة العثمانية».
اتفاقية ابتلاع غاز وثروات البحر المتوسط ونهب ثروات ليبيا وانتهاك سيادتها، ونقل مئات المرتزقة إلى ليبيا، بمثابة قذف الحطب والبنزين على النار لاستمرار اشتعالها، ويعتبر تهديداً لأمن أوروبا ومصالحها في ليبيا، فوجود مقاتلين من جنسيات مختلفة في طرابلس الليبية لا يبعدون سوى 300 ميل بحري عن الجنوب الأوروبي، يشكل خطراً قادماً إليهم لا محالة، حتى ولو أغمضت أوروبا جفونها عنهم، فهؤلاء ليست وجهتهم الدائمة ليبيا وحروبها، ولكن ليبيا لهم ما هي إلا محطة ترانزيت تركهم فيها إردوغان لمساعدة جماعته والموالين له من جماعة الإخوان وحكومة الوفاق، بعد أن أوشك سقوطهم وأمسى حتمياً، فالجيش الليبي منتصر لا محالة في معركة تحرير طرابلس من قبضة الميليشيات والمرتزقة.
وفي خضم السجال عن حلول للأزمة الليبية، ورفض الأطراف الليبية الجلوس إلى طاولة واحدة تنقلت الأزمة بين هدنة ووقف إطلاق النار غير المكتوب في موسكو إلى برلين وميلاد لجنة العسكريين (5+5) من الطرفين لتفكيك الميليشيات.
بينما غسان سلامة المبعوث الدولي يقول: «لا أرى قبعات زرقاء في ليبيا قريباً»، والذي قال أيضاً بخصوص المرتزقة من السوريين الذين جلبهم السلطان التركي المهووس بالعثمانية الثانية رجب إردوغان: «إن إردوغان دُعي لأنه يُهدّد بإرسال سوريين إلى ليبيا، وتعهد بعدم التدخل وإرسال مرتزقة، الآن يمكن محاسبة إردوغان بعد توقيع الاتفاق».
الدول الأوروبية التي تتجاهل وجود ونقل إردوغان لأفواج من المرتزقة والمتطرفين من سوريا إلى ليبيا عليها انتظار أفواج المرتزقة نفسها، فأغلبهم ليست وجهته ليبيا، بل هي مجرد محطة ترانزيت إلى روما ومنها إلى باقي أنحاء بلاد الغرب.
في ليبيا لا توجد أطراف سياسية ولا يوجد صراع سياسي، بل إن الأزمة هي أزمة أَمْنِيَّة جعلت الشعب الليبي يواجه تنظيماً دولياً إخوانياً وشخصيات إرهابية، استجلبهم التنظيم وطلب نصرتهم في شتى بقاع العالم، فهبوا إليه حتى تحولت ليبيا إلى مقبرة غزاة متعددة الجنسيات.

مرتزقة إردوغان الذين بدأت نعوشهم تعود إلى إدلب وغازي عنتاب من طرابلس تباعاً، لا مكان لهم في ليبيا، فتراب ليبيا حامٍ ولا يقبلهم.