هيلة المشوح

بعد أسبوع حافل بأصداء حادثة اختراق هاتف السيد جيف بيزوس مالك موقع أمازون تتراجع صحيفة الواشنطن بوست في خبر عريض عن مزاعم مالكها السيد بيزوس وتلفيقاته ضد ولي العهد السعودي بالاختراق المزعوم فتنشر خبراً يوم الاثنين الماضي مفاده أنهم لا يعرفون من الذي اخترق الجهاز ونشر المعلومات والصور الفاضحة الخاصة به!
بدأت حكاية الاختراق في 2018 حين كان الملياردير الأميركي على علاقة مشبوهة خارج إطار الزوجية مع (لورين سانشيز)، والتي اكتشفتها زوجته «ماكينزي بيزوس»عندما استعرضت أسماء ركاب طائرته الخاصة، وكانت لورين بينهم في رحلة استجمام لجيف

وعشيقته فتطورت الأمور بينه وبين زوجته إلى المحاكم انتهت بتسوية مالية هي الأغلى في التاريخ، والتي كلفته 38 مليار دولار لتصبح ماكينزي رابع أغنى امرأة في العالم، ما تسبب بنكسة مادية ضخمة لجيف الذي خسر سمعته وخسر جزءاً كبيراً من ثروته، وهما الداعمان لخطته المستقبلية في الترشح للانتخابات القادمة فسقط حلم الرئاسة مع سقوط قوة المال وقوة السمعة التي بناها منذ أن افتتح متجر أمازون في كراج منزله عام 1994.
لم يكن أمام بيزوس مقابل هذه النكسات، ولإعادة صورته وصيته أمام العالم سوى اختيار اسم لامع في عالم السياسة والاقتصاد، وكاريزما تحدث هزة، وبروباجندا تعيد إليه بعض ما خسره من اهتمام فوقع اختياره على شخصية الأمير محمد بن سلمان ذات الصيت الواسع عالمياً ليلبسها تهمة اختراق هاتفه فيسبغ على قضيته طابعاً سياسياً، ويكسبها زخماً عالمياً كبيراً، وهكذا بدأت مزاعم الاختراق، والتي نفتها عدة صحف أميركية وعالمية، واستبعدت ضلوع شخصية مرموقة في هكذا عمل غير لائق وغير ذي جدوى، بل وجعلتها بعض الصحف محط تندر وطرافة.

هنالك سؤال مهم في قضية السيد بيزوس: لماذا روّج لقضية «التهكير» هذه في صحف كبرى كالفايننشال تايمز والجارديان، وليس في صحيفة الواشنطن بوست التي يملكها، ويستطيع أن ينشر فيها ما يشاء؟
والجواب هو أن الواشنطن بوست تراجعت شعبيتها ومبيعاتها، وبالتالي تراجعت أرباحها كثيراً بعد نشرها المتعثر وتناقص مصداقيتها وانحيازها السياسي الحزبي غير النزيه. ومن ناحية أخرى، ما يتعلق بنشر المعلومات والصور الخاصة بـ«بيزوس»، فقد تبين أن عشيقته السابقة (لورين سانشيز)، وشقيقها هما من دبرا اختراق هاتفه، وباعا المعلومات لصحيفة الفضائح «ناشونال اينكوايرر» بمبلغ 200 ألف دولار، بحسب صحيفة «وول ستريت جورنال»، وقد يتساءل البعض لماذا لفق «بيزوس» هذا الاتهام في صحف عالمية، ثم تراجع عنه في 27/1/2020، والجواب هو أن كل ماحدث يسير حسب تراتبية مخطط لها، فالسيد «بيزوس» أراد الخروج من فضيحته بعلاقته المشبوهة بأقل خسارة، فوقع بفضيحة سياسية تحتم عليه إسقاط الاتهام خلاف ما توقعه من أرباح سياسية وتلميع صورته على أقل تقدير!