فاتح عبدالسلام
تتصدر قضية مكافحة الفساد في العراق خطابات رؤساء الحكومات. وبات أي زعيم سياسي يستهل خطابه أو مشروعه بالدعوة لضرب الفاسدين .
وتمر الأيام من دون أن يحصل العراقيون سوى على طبقة جديدة من الفاسدين .
دائما لغة مكافحة الفساد تأخذ صيغة مستقبلية لن يصل أحد إلى زمن تطبيقها . لا توجد أية آلية ولو بسيطة لفحص الزمن الماضي واسترجاع الأموال المنهوبة ،لاسيما ان الطواقم السياسية السابقة التي رعت وتبنت الفساد لأسباب شتى ، لا تزال تمارس أنشطتها السياسية والعامة من دون ان يستطيع احد ادانتها أو حتى الإشارة بالتلميح اليها .
هيئة النزاهة، تحدثت قبل أيام عن نهب نصف ترليون دولار من المال العام وعبر موازنات السنوات العجاف الماضية .
لا أدري ،إن كان اصحاب نشر هذه التصريحات يعون المغزى من الكشف عن هذه الفضائح بهذه اللغة المجملة من دون تخصيص أو توجيه الاتهام إلى احد ؟
حتى ليبدو ذلك الإعلان يشبه بحد ذاته ترويجاً لزمن الفساد وتشجيعاً ،من دون قصد، للإيغال في طريق النهب، على اعتبار انّ ما جرى مرّ من دون أن تطال العقوبات أحداً .
إنّ تحول مكافحة الفساد الى شعار سياسي براق ، هو أخطر أغطية الفساد وأثقلها ، ومن هنا لا يبدو للعراق أفق فيه أسس واضحة لإيقاف النهب الذي تتعدد أساليبه وصيغه وفنونه، ولم يعد عمليات اختلاس تتم بطرق بدائية .
الأيام المقبلة ستحمل تداعيات سياسية كثيرة ، وستمر في طياتها ملفات فساد جديدة اكتسبت أغطيتها من هذا الضجيج السياسي المفتعل في تشكيل حكومة ، بان عنوانها المصاغ من اللغة القديمة المستهلكة .
العراقي مقهور جدّاً اليوم بأكداس الشعارات الزائفة وفروض الترقيعات الرثة، لكنه لايزال متمسكاً بأمل التغيير الجوهري العابر إلى الضفة الأخرى .
التعليقات