سارة مطر

كنت أتابع حواراً أُجريَ مع «نادية كوهين» أرملة الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين، الذي تم إعدامه في سوريا 1965، تحدثت نادية عن أصولها العربية - العراقية حيث ولدت في بغداد من أسرة كبيرة تعتبر من الطبقة الوسطى الراقية، وهاجرت إلى فلسطين المحتلة في عام 1951م.

نادية كانت تقول إنها كانت سعيدة في العراق، وقد حافظت الأسرة على يهوديتها، كما تحافظ المذاهب الأخرى على كينونتها وخصوصيتها، هذا ما قالته نادين كوهين في اللقاء.

«ولكن.. ماذا بعد ولكن؟»، كما تقول نادية البالغة 85 عاماً إن أسرتها شعرت بعدم الاستقرار، وأنه قد حان الوقت للهجرة إلى وطنهم، فلم يعد لهم أي شيء يذكر في العراق.

لقد استطاعت أن تمسح نادية تاريخها الأسري الآمن، وقدرة أسرتها على تكوين ثروة، وأوجدت أعذاراً عدّة لكي تجد مبرراً لترك وطنها الأم، وتضيف نادية: «حينما وصلت إلى فلسطين المحتلة وشاهدت الجيش الإسرائيلي شعرت أنا وأسرتي بأن هذا هو وطني الحقيقي».

هذه اللقاءات والحوارات تشعرك بشكل مقزز بارتباك لمفهوم الأخلاق، وأن «الدين» يشكّل لدى البعض قيمة أعلى من قيمة الوطن، الذي تم تأسيسه على سواعد أبنائه من مختلفي الأديان والمذاهب.

وإنه لمؤلم حينما تشعر بأن الدين يخترق فكر البعض لهذه الدرجة حتى يصل بهم إلى مرحلة الخيانة بكل سهولة للوطن، الذي ولدوا وعاشوا فيه، فقط بسبب اختلاف الدين أو المذهب، مثلما فعل زوجها إيلي كوهين، حينما حاول لأكثر من مرة أن يكون جاسوساً على مصر، وطنه الذي ولد فيه، ثم بات ورقة محروقة، مما اضطر إسرائيل لأن تزرعه في سوريا.