خالد أحمد الطراح

احتضنت رابطة الأدباء، أمسية ثقافية غير تقليدية بهدف انتشال الشأن الثقافي في الكويت من الوضع المفزع، الذي بلغته الحركة الثقافية ككل، نتيجة غياب اهتمام بل اهمال السلطتين التشريعية والتنفيذية للثقافة. مبادرة رابطة الادباء هي في الواقع رسالة واضحة وصريحة في قرع اجراس الانذار مجددا للمستوى المتدني، الذي بلغته الحركة الثقافية في الكويت، حتى بتنا اليوم شهداء على افول الثقافة، بعدما كنا في الريادة تاريخياً. اجراس الانذار مهما كان لها صوت وتحرك واسع، للاسف، لن تجد لها آذانا صاغية في الحكومة ومجلس الامة بوجه خاص، المشرع، فقد غاب عن الامسية رئيس وأعضاء اللجنة التعليمية بالمجلس بالرغم من توجيه دعوة رسمية للجميع، فيما حضر فقط النائبان عبد الوهاب البابطين واحمد الفضل بصفتهما نائبين. طبعا الحكومة لم تكن حاضرة او حريصة على حضور مثل هذه الامسية سواء كانت هناك دعوة او لم تكن، ففي الدول الحريصة على النهوض بالثقافة تأتي المبادرة من الجهات الرسمية للاستماع للآراء المتنوعة والمهتمة في دعم الثقافة، باعتبار انها مسؤولية دولة ومجتمع في آن واحد، ولكن في الكويت تسير الرياح نحو اتجاهات افتتاح المعارض وقص الشرائط ودعم الانشطة مادياً ذات البريق الاعلامي والمردود الشكلي داخل الكويت وخارجها!

تضمن بيان امسية الرابطة عددا من المطالب للحكومة، التي تميزت بواقعية دقيقة «بهدف دعم الثقافة بمفهومها الشامل ورعايتها ورفع سقف الحريات». صدر بيان عن تلك الامسية التي جرت في 22 يناير 2020، باسم عدد من جمعيات النفع العام، ولكن خطة العمل ينبغي الا تخضع لأي تنازلات او مهادنة من اي جمعية كانت، وأي تهاون او تنازل عن المطالب الثقافية من اي طرف لا يجب السكوت عنه من قبل رابطة الادباء قبل اي جهة اخرى، خصوصا انها صاحبة المبادرة. كما هو معروف ان لدى الحكومة اكثر من مصدر لتمويل وتقديم الدعم لأنشطة جمعيات النفع العام منها وزارة الاعلام، التي تتربع على عرش بند سخي وهو بند الخدمات الاعلامية، ولكن الانتقائية لم تفارق السياسات الحكومية خصوصا على المستوى الثقافي!

انني بغاية الفرح بمبادرة رابطة الادباء وأتمنى النجاح والتوفيق لها ولكل جمعية من الموقعين على البيان، ولكن لستُ متفائلا بالوصول الى نتائج ملموسة ترتقي الى مستوى الطموح في كسر حاجز سقف الحريات المصطنع، في ظل وجود نواب حكومة الظل في مجلس الامة، وحكومة تعمل على اساس اجتهادات فردية وليس مؤسسية. فقد غاب الشأن الثقافي عن برنامج الحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة التي توالى على رئاستها كل من الشيخ ناصر المحمد والشيخ جابر المبارك وقبل ذلك ايضا، فالحركة الثقافية ليست ضمن الاولويات للدولة. لابد من المكاشفة بصراحة مجردة، ان الحكومة تخشى حريات التعبير والرأي، لذا حرصت دوما على وجود ما يغل يد الحركة الثقافية من خلال قوانين المطبوعات والنشر والمرئي والمسموع والالكتروني، بالرغم من التناقض الصارخ مع مواد الدستور بهذا الخصوص! اتمنى على مجلس ادارة رابطة الادباء ان تكون المظلة الفعلية للثقافة لجميع المهتمين بالشأن الثقافي، وان تكون المأوى لجميع افراد المجتمع من كتاب وناشرين ومغردين، للقضاء على التشرذم في الوسط الثقافي، وقطع الطريق على المتسلقين وكورال الانتهازية.