مازن السديري

تلقيت رسالة مؤخراً من الدكتور فهد العجلان وهو اختصاصي أعصاب عن التحديات الطبية والحلول العلاجية والتقنية لمواجهة هذه التحديات، وكان الموضوع المشجع للحديث عنه هو السكتات الدماغية؛ حيث السكتة الدماغية أحد أكثر الأمراض الخطيرة شيوعاً في العالم. تشير الإحصائيات الحديثة إلى أن السكتة الدماغية هي ثاني أكبر قاتل في المملكة العربية السعودية، حيث إنها مسؤولة عن 14400 حالة وفاة في عام 2012 حسب إحصائيات (WHO) لكن في السنوات الخمس الأخيرة، وتحديداً منذ عام 2015 حدثت ثورة في علاج السكتات الدماغية، أهمها العلاج عن طريق القسطرات التداخلية وتوفر الذكاء الصناعي للمساعدة في تشخيص الحالات بدقة أكثر حسب دراسة صادرة من مركز Lancent.

في المقابل حالياً الرعاية الطبية في المملكة لمرضى السكتات الدماغية لا تغطي كل الأقاليم وفي ظل وجود نقص في الكوادر حسب دراسة نشرتها HRH. أيضاً تمثل السكتة الدماغية عبئًا اقتصاديًا كبيرًا، حيث تمثل الرعاية الحادة والطويلة الأجل لها ما يصل إلى 5٪ من إجمالي الإنفاق على الرعاية الصحية كاملة. أثبتت إحدى الدراسات الحديثة في الولايات المتحدة الأميركية ان العلاجات التداخلية لعلاج السكتات الدماغية أدت إلى توفير في التكاليف قدرها 23,203 دولارًا لكل مريض (ما يقارب 87 ألف ريال سعودي) بالإضافة إلى التحسن الواضح في صحة مريض السكتة الدماغية على المدى القصير والطويل حسب دراسة لصحيفة Stroke الطبية، وقدرت التكاليف الإجمالية لرعاية السكتة الدماغية على مدى العشر سنوات القادمة للوصول بها إلى المستوى المطلوب بمبلغ 868 ملياراً.

لذلك كانت رؤية سمو ولي العهد 2030، أن يتم تحديد علاج السكتات الدماغية كإحدى الركائز أساسية في الرعاية الصحية خصوصاً بالنظر إلى ازدياد المتوقع في عمر السكان، وزيادة أعداد المرضى في جميع أنحاء المملكة. لذلك لتنسيق العناية بالسكتة الدماغية هي تحدٍّ، يتطلب رعاية متخصصة عبر مجموعة واسعة من التخصصات لكن في ظل التطور التقني والعلمي أصبح تحقيق هذه الهدف أكثر إمكانية من أي وقت مضى في ظل تطور الأدوية المذيبة للجلطات وإمكانية ترابط الأطباء حول المملكة وتواصلهم عبر شبكة البيانات وتطور الذكاء الاصطناعي الذي ساعد في رفع إنتاجية الأطباء من حيث سرعة ودقة التشخيص.

لذلك لو تم تخصيص مركز وطني قادر على رسم نموذج للعلاج السكتات الدماغية للقيام بهذه المهمة من حيث التنفيذ وتشكيل مراكز صحية تغطي المملكة بأكملها ويمكن من هذا الترابط اختيار المذيب المناسب وتنفيذ أي قسطرة عاجلة، والأهم أنه سيكون مركز بيانات خاص بالجلطات في المملكة سيفتح نافذة أخرى لنشاط الإحصائي الذي سوف يكون بوصلة لتركيز وتخصيص النشاط البحثي، مثل هذا المركز ممكن أن يكون عبر تبرع الكثير من الشركات الخاصة التي ترغب للمشاركة في العمل الوطني الخيري وهي كثيرة، كما أن نموذج الأوقاف الموجود في المراكز الطبية الغربية سوف يدعم ديمومة الدعم ونموه. هذه رسالة الدكتور فهد الطموحة لأن تجعل القاتل الثاني بعيداً عنا.