محمود العوضي

أثناء موجة الحرائق التي تجتاح أستراليا منذ سبتمبر الماضي، والتي راح ضحيتها مليار حيوان، وأتت على مساحة 100 ألف كم، وأكثر من ألفي منزل، وخسائر مادية تقدر بمليارات الدولارات، وقبل ذلك وبعده خسائر في الأرواح، وقد تابعت تلك الموجة بكل اهتمام، فأثار اهتمامي ما ظهر على سطح الأحداث في هذه الكارثة، ومنها: هجوم الصحافة الأسترالية بقسوة على الوزراء، الذين حصلوا على إجازة التقاط الأنفاس لبعض الأيام، وقد شعرت بالدهشة لتدخل الصحافة حتى في الحياة الخاصة للوزراء.


وبالنظر إلى ثقافتنا وتقاليدنا، فإن صحافتنا لن تتدخل أبداً في حياة الوزراء بالطبع، ولكن كل ما نطمح إليه أن نتواصل مع السادة الوزراء بوتيرة أكبر للتحدث في تفاصيل العمل اليومية للوصول لحلول للمشكلات التي يواجها المواطن.. نريد تواصلاً ناضجاً بين الإعلام والوزراء والجهات التنفيذية من أجل مواجهة موجات الشائعات عبر السوشيال ميديا، ولاشك أنها ستكون علاقة مفيدة للوطن والمواطن، ولطرفي المعادلة الوزراء والجهات التنفيذية من جهة، والإعلام من جهة أخرى.

لم نعد على استعداد أن ينحصر دورنا كإعلام في نشر منجزات الوزراء، نريد تفاعلاً إيجابياً للرد على المشكلات وتقديم الحلول، دون أن يغضب معالي الوزير، أو المدير فالمصلحة مشتركة بكل تأكيد، وهي بالأسس خدمة للوطن، وهنا يظهر السؤال: ما هي الآلية المناسبة لصياغة هذه العلاقة؟.. الإجابة على هذا السؤال لابد أن تكون موضع نقاش بين الجميع للتوصل إلى آلية تحظى بالقبول والقابلية للتطبيق.

وزراء أستراليا الغاضبون، هل تذكرونهم ؟.. لقد عادوا إلى عملهم، وانخرطوا مجدداً في مواجهة كارثة الحرائق، وفي تفاصيل العمل اليومية، ولم يكتفوا بذلك بل إنهم اعتذروا بكل تواضع وتحملوا المسؤولية، وفي المقابل لم تبخل الصحافة الأسترالية عليهم، وامتدحتهم في مشهد يؤكد إيجابية العلاقة بين التنفيذي والإعلامي.

معالي الوزير.. أيها المدير لا تغضب، وإن غضبت فكن على ثقة أنك غاضب من أجل الحق، ومن أجل مصلحة عامة، وليس غضباً لاعتقادك أن مهمة الصحافة هي جعلك في موضع إحراج، أو اتهامك بالتقصير دون أدلة واقعية، يا معالي الوزير لا تغضب «ترى نحبك».