جميل الذيابي

لا شك أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فضح تناقضات الرئيس التركي رجب أردوغان. لقد أدمن رجل تركيا المريض «العنتريات»، واعتاد الإذعان للإملاءات خلف الكواليس. وكانت آخر حالات رضوخه حين اضطر لتعليق مغامرته العسكرية السابقة في سورية، بعد ضغوط أمريكية. وأخيراً وبحسب صحيفة «جيروزاليم بوست»، سخر نتنياهو من أردوغان بقوله: «إنه يهاجمني في العلن، بينما التجارة بين بلدينا تنتعش بشكل متسارع»!


وتجيء لطمة نتنياهو بعد أن هاجم أردوغان إسرائيل، رافضاً خطة السلام الأمريكية الجديدة «صفقة القرن»، ومكرراً «البروباغندا» الشعبوية، في وقت تشهد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين تنامياً متسارعاً. ولا تتوقف الشركات الإسرائيلية عن افتتاح فروع داخل تركيا، بينما تواصل شركات المقاولات التركية تنفيذ عقودها الضخمة في تل أبيب، وبناء المستوطنات!

عادة ما يكون «الأفاكون» ضحايا لأوهامهم، وأردوغان ضحية أوهامه. فهو يريد أن يكون كمال أتاتورك جديداً، ولكن بنكهة دينية! ويريد أن يكون أول سلطان عثماني منذ انهيار إمبراطورية «رجل أوروبا المريض» بُعيد الحرب العالمية الثانية... ويريد أن ترافق ذلك كله رغباته المجنونة في الانضمام للاتحاد الأوروبي، والتحالف مع روسيا دون اعتبار لتحالفه ضمن الحلف الأطلسي (الناتو)، ويريد أن يظهر بمظهر القادر على مواجهة روسيا وأمريكا في شمال غربي سورية، ويشارك في التحالف الدولي لهزيمة داعش، وحدوده سهلة لمرور المتشددين لسورية، ويريد أيضاً أن تتعامل معه القوى العظمى باعتباره سلطاناً عثمانياً لا تغيب الشمس عن حدود إمبراطوريته الوهمية، لذلك تجده يقوم بجولات لانتزاع نفوذ في أفريقيا، وآسيا الوسطى، على غرار السباق الاستعماري القديم على تلك البلاد.

لقد بدأ يتضح يوماً بعد يوم أن أردوغان يمثل عبئاً كبيراً على السياسة الدولية، وأن مشكلاته «المؤجل حسمها» مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ستكون خصماً كبيراً على الدولة التركية، التي يريد لها أردوغان أن تكون نتاجاً لزواج مستحيل بين الغرب والدولة «الإخوانية».

الأكيد أن تكاثر أخطاء أردوغان وعنترياته الفارغة تكشف للعالم حقيقته أكثر فأكثر. وما ظهر من سلوكياته ليس أحدث حلقة في الفيلم «الفنتازي» الذي يقوم فيه بدور الممثل والمؤلف والمخرج!